نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب محمد عارف.. جاء فيه ما يلى:
«تك توك»، وتعنى وقع الأقدام أو دقات الساعة، اسم شبكة تواصل اجتماعى تبث عبر العالم لقطات فيديو سريعة ولماحة، ينتجها أشخاص فى أعمار أقل من العشرين، ومفتوحة لأربعين لغة، بينها العربية. أسست «تك توك» شركة صينية اسمها «بايت دانس BYTE DANCE»، و«بايت» وحدة القياس الرقمية للمعلومات، و«دانس» هو الرقص. و«تك توك» ترقص الآن مراهقى الولايات المتحدة؛ حيث يعقد الطلاب نوادى «تك توك» للرقص والغناء، ويبدعون تمثيليات حققت خلال العام الحالى 750 مليون تنزيل مقابل 715 مليون «فيسبوك» و450 مليون «إنستغرام» و300 مليون «يوتيوب» و250 مليون حققته نظيرتها «سناب شات». و«إذا أردت أن تصبح مشهورا عالميا، انضم إلى نادى تك توك»، شعار مراهقى الولايات المتحدة؛ حيث «تك توك»، على خلاف باقى وسائل الاتصال الاجتماعى الأخرى، تحظى بالترحيب من قبل معلمى المدارس والكليات فى الولايات المتحدة. ويلخص موقفهم أحد المدرسين المرشدين، الذى قال إنه يحب كيف تجمع «تك توك» على السواء طلابا من مختلف الجماعات؛ حيث يجدون الكثير من العمل المشترك والرفقة، وقليلا من البلطجة.
و«تك توك» المنصة الطبيعية لفتيات وفتيان فى أعمار العبقرية الفطرية للإبداع دون العشرين. وهى توفر لهم برمجيات وتطبيقات لإنتاج لقطات فيديو، وتأليف تمثيليات سريعة، مرفقة بالموسيقى، وملونة وفق أذواقهم، وإيصالها إلى مئات الملايين أينما كانوا فى بلدان فيها شبكات إنترنت، وبلغ عدد تنزيلها مليارا و500 مليون مرة، حسب شركة الإحصاء الأمريكية Sensor Tower. وحاولت «فيسبوك» استنساخ «تك توك» ودعا رئيسها مارك زوكربرج موظفيه إلى تطوير تقنيات قصص قصيرة جدا، لكن المحاولة فشلت، ولجأ إلى الاتهام التقليدى بأن «تك توك» تخضع لرقابة حكومة الصين. وفى غضون ذلك أسست الشركة الصينية فرعا أمريكيا مستقلا غير خاضع لرقابة بكين، ويديره مجلس أمناء أمريكيون، يملكون استقلالية ذاتية، ويناقشون الآن مشاريع تحصيل موارد مالية للمشاركين فى «تك توك»، والموضوع المطروح للنقاش هو نفسه، الذى واجه المبدعين فى الاتصال الاجتماعى فى مختلف أنحاء العالم، بما فى ذلك روسيا؛ حيث يطالب كتاب التواصل الاجتماعى الحكومات بتخصيص رواتب أو مكافآت لهم، أسوة بالعاملين فى الأجهزة الإعلامية.
و«تك توك» مجرد أحد تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات الاجتماعية، وهذه واحدة من سبع تكنولوجيات تغير العالم خلال عام 2020، وهى «الذكاء الاصطناعى»، والجيل الخامس من شبكات المعطيات (5G)، «السياقة الذاتية» للعربات دون سائق، و«الطب الشخصى» الذى يتوقع أن يعالج أمراض كل شخص، حتى وهو جنين فى الرحم، و«الرؤية الكومبيوترية» خارقة القدرة على الإبصار وعلى تمييز المشاهد، والتى أصبحت تستخدم حاليا بشكل جزئى فى بعض المطارات لتسهيل حركة المسافرين، و«الواقع الموسع»، وهو الواقع الافتراضى الذى يتيح للأشخاص إيجاد كفاءات آلية تخدمهم أو تسليهم، ثم «سلسلة الكتل»، وهى سابع تكنولوجيا جديدة، وقد تكون أهمها، إذ تجعل جميع المعلومات المحفوظة لدى الحكومات والشركات شبكة واحدة تتيح على سبيل المثال لشاحنات النقل الكبرى معلومات موثقة عما تنقله عبر العالم.
وفى الصين تفتحت كالزهور شبكات إنترنت «يستخدم فيها الناس مليارات التطبيقات التى لم نسمع بها قط». تقر بذلك «نيويورك تايمز». والجيل الأول من عمالقة التكنولوجيا الصينيين، المشهورين بالحروف الأولى من أسمائهم «بات»، وهى «بيادو» و«على بابا» و«تنسنت»، إنما تأسس فى عصر الإنترنت المكتبى، وبعث موبايل الإنترنت منتصرين جددا يطلق عليهم اسم «تمد»، وهم «تاوتياو» و«ميتوان ــ ديانبنج» و«ديدى تشوينج»، أحدثوا مع شركات أخرى ثورات فى جميع جوانب الحياة فى الصين، وكثير منها نما نموا أخطبوطيا متخطيا على الفور قطاعات عدة.
«هل يمكنك تصور ما يمكننى فعله إذا استطعت أن أفعل كل ما أستطيع فعله؟»، سأل الحكيم الصينى «سان تزو» قبل نحو 2400 عام فى كتابه «فن الحرب»، والعالم كله معنى الآن بالسؤال عما يمكن أن تفعله الصين مما تستطيع.