العقاب - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 9:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العقاب

نشر فى : الجمعة 23 سبتمبر 2022 - 7:00 ص | آخر تحديث : السبت 24 سبتمبر 2022 - 3:45 م

تنوع العطاء الخاص بالممثل محمود المليجى فى فترة نهاية الأربعينيات، وكان عطاء متباينا بمعنى أن ظهوره فى فيلم غزل البنات بعيد تماما عن الصورة الرائعة التى رأيناه عليه فى أفلام أخرى مثل «سجى الليل»، «العقاب» و«كل بيت له رجل»، وفى الفيلم الذى أخرجه بركات 1948 كان المليجى هو العمود الفقرى للقصة كلها إمام كل من فاتن حمامة وفردوس محمد، كمال الشناوى، وزوزو ماضى، الممثل هنا لديه قدرة جهنمية على تشكيل وجهه وجسده فى أداء الشخصية التى تسند إليه، فهو هنا ليس شرا كله وأيضا ليس خيرا جميعهم، وهو يذكرنا فى شخصية الأب هنا بما فعله زكى رستم فيما بعد فى فيلم «بائعة الخبز»، فهو فى بداية الفيلم العاشق الذى يخون صديقه فى امرأته فيبتزها وهى متيمة به إلى أقصى درجة، كما أنها تتلون أمام زوجها وتطلب منه المبالغ المالية لتعطيها إلى عشيقها، وفى لحظة ما فإن الزوج يكتشف الخيانة ويواجه زوجته وصديقه بما يمارسونه خلف ظهره وعندما تحدث المواجهة يقوم العاشق الشرير بقتل صديقه العجوز، وهنا تتفنن الزوجة فى اتهام خادمتها فردوس محمد بأنها قتلت زوجها وتساق إلى السجن المؤبد وتنعم لبعض الوقت بعشيقها وجريمتها إلى أن تزوغ عينى الرجل نحو امرأة أخرى ذات حسب ونسب ويحدث خلاف تدخل الزوجة على أثره إلى السجن، وهناك تلتقى بالخادمة البريئة المسجونة وتعرف منها تفاصيل الجريمة، وفى السجن تموت الزوجة وتنتظر الخادمة عشرين عاما حتى يتم إطلاق سراحها.
هناك مرحلتان زمنيتان للفيلم، المرحلة الثانية أبطالها ابنة القاتل وابن البريئة، إلا أنه حب من طرف واحد.. وهنا نرى المليجى بوجه آخر بالغ الإنسانية فهو يفعل أى شيء من أجل إسعاد ابنته حتى ولو أبعد حبيبها عن خطيبته، كى يكون من نصيب ابنته، وعندما يتعذر ذلك نرى الوجه الثالث للمليجى، الشرير الذى يهدد المرأة البريئة لكى يتزوج ابنها من ابنته، وهنا تبدو عبقرية الممثل الذى يسطو على الجميع فى موهبة فذة رغم قوة الأداء عند فردوس محمد، بينما بدت فاتن حمامة بالغة المرونة فى دور جسدته أكثر من مرة وفى نفس المرحلة قبل أن تتبلور وتصبح سيدة الشاشة العربية.. هذا الفيلم هو واحد من الأفلام الأولى التى تعاملت فيه فاتن مع بركات، فأصبح على مدى تاريخها الطويل مخرجها المفضل، وتولدت حالة كيميائية بينهما فى تاريخ مشرف.. والغريب أن البعض تصور العقاب هو محاولة للاقتباس من الكونت دى مونت كريستو، هو فيلم مقتبس لكننى لم أستطع أبدا الوصول إلى مصدره.
الجدير بالذكر أن السينما المصرية كانت تهتم فى تلك الفترة بأبطالها الأبرياء الذى يدخلون إلى السجن ظلما ويعيشون فى غياهبه سنوات طويلة ثم يخرجون بحثا عن الانتقام، وخاصة النساء مثلما حدث فى فيلم «السجين رقم 17» و«ولدى» «وأولادى» وأفلام أخرى قام ببطولتها حسين رياض وزوزو ماضى، وأيضا محمود المليجى، وهى نوعية الأفلام التى لفتت أنظار حسن الإمام، وراح يقدمها لنا بشكل ملحٍّ، وراح يقدمها لنا من فيلم آخر فى بداية الخمسينيات، منها على سبيل المثال «غضب الوالدين»، «بائعة الخبز»، و«حب فى الظلام»، أى أن فيلم «العقاب» كان بمثابة فاتحة على المخرجين الذين حاولوا السير على نهج أفلام بركات ومنهم حسن الإمام وإبراهيم عمارة وغيرهما بما يؤكد أن بركات كان من الطليعة التى اهتمت بالروايات الأجنبية الفرنسية، ونقلها إلى السينما المصرية مثلما فعل مع «سجى الليل»، و«أمير الانتقام» ثم فيما بعد «ارحم دموعى»، وأفلام أخرى عديدة كانت هى الهدف المراد لإعادة إخراجها فى العقود التالية.

التعليقات