أن تحب بصدق - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 4:17 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أن تحب بصدق

نشر فى : الثلاثاء 28 ديسمبر 2010 - 10:11 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 ديسمبر 2010 - 10:11 ص
فى الوداع مجرى لدمع العين إلا فى وداع العام أى عام شىء ما يبعث على الفرح والبهجة. ربما لأننا لا نستطيع أن نجزم بالقادم، أو لأننا نرسم صورا لونتها زرقة البحر وصفار الشمس فى يوم شتاء تلسع برودته أطرافنا.. هى بضعة أيام ونسقط الورق كما هو الشجر والورد وكل شىء حى لا بد من التجديد.. تأتيك الرسائل على هاتفك النقال أو على بريدك الالكترونى، وبعضهم لا يزال يرسل بتلك البطاقة المزينة بتهانى لم تتغير منذ عشرات السنين.. هى أيام معدودة تقول الرسالة ولا تنسى أن تذكرنا بأن الحياة قصيرة، وهل نستطيع نسيان هكذا حقيقة.. هى الحقيقة الأكثر تربعا فى ذاكرة أيامنا المتعبة.. كلما سقط أحدهم رددنا: «الحياة قصيرة».. ولكن فى هذه المرحلة يعاد التذكير بها لتفتح مساحات الفضاءات الواسعة لفرحة صغيرة حينما شحت أو ندرت تلك التى يقال إن أعمقها هو ما يبدأ من القلب وينتهى هناك أيضا.. ثم تكمل الرسالة لتمنحك الوسيلة، أى أنها تأخذ بيدك ربما تنصحك حتى لا تكرر السؤال الممجوج «وأين هى الفرحة؟».

تتوقف عند العبارة التالية فى الرسالة الهاتفية نصيحة أخرى لليوم الأول من حياة العام الجديد «الطفل السعيد» القادم، «اصفح وانسى»، كم هو جميل أن تملك ذاك السمو الذى يسمى الصفح عمن أساء إليك أو أخطأ معك أو حتى أذاك ربما بحرف أو بكلمة فى ذيل عبارة أو حتى باتهامات أو وشوشة تصل إلى السماء السابعة.. كم رائع أن تستطيع أن تفصح عن كل أولئك المنغمسين المتشبثين بموقعهم على آخر قائمة البشر.. الحاقدين، المسيئين، المفرغين من إنسانيتهم، المدعين باسم المبادئ والدين وكل ما أوصت به السماء بأنهم يفعلون ذلك دفاعا عن النفس الضعيفة والمستضعفة! كم رائع أن تفصح عنهم جهلهم ونقص آدميتهم وإنسانيتهم والأروع ان تملك قدرة النسيان وهو الأمر الأصعب.

لم يتبق سوى بضعة أيام فبماذا تنصحك الرسالة القادمة من تلك الصديقة او الصديق وبعد ان تنسى الاساءة؟ ان تحب بحق وهذه الأخرى تتطلب قدرا كبيرا من الصفاء الذهنى والقلبى! فلم يعدفى متسع الأيام المكتظة والمشوشة مساحة لحب حقيقى لا نهاية له تشبه أفلام هوليوود بل نهايات بالأبيض والأسود من ذاك الزمن البعيد، حيث لا رمادية فى القلب.. بضعة أيام تعيد فيها ترتيب أولوياتك وتضع الحب على رأس القائمة.. ليس حبا فى لحظة آنية حسية بل حبا مغمسا بطعم الشهد الآتى من عصارة زهرة برية.

ثم وبعد ذلك، أى بعد النسيان والحب يبقى الضحك ذاك النادر جدا كما الحرية أو.. كانوا قديما يقولون «اضحك تضحك الدنيا معك»؟ هم محقون حتما لأن الضحك معدٍ كما هو حال الكآبة.. أن تقترب من الضحك هو أن تخطو خطوتين بعيدا عن ذاك الغطاء الأسود الذى يسكنك.. أن ترفعه قليلا وتدخل ضحكات تأتى مع نسمة عابرة فوق مياه النيل الدافئة فى ليلة شتاء.. أن تضبط متلبسا بالضحك هو الإثم الوحيد فى زمن الانكسارات.. فأكثر منه..

ثم وبعد ذلك أن تنسى الندم.. لا مساحة فى اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الجديدة لأى ندم.. استمع كثيرا إلى تلك الرائعة أدف بياف عندما تتحدث عنه.. وابتعد عن تراثك الذى يردد بعد كل جلسة من الضحك «إن شاءالله خير» تذكر أن الكثير من التراث مخبأ فى كثير من الجهل! احذر إذن أن تندم على لحظة نشرت فيها البسمة أو الضحكة.. أكثر منها فالأزمات المتكاثرة حولنا قد حولت الأيام إلى خليط من الندم المغلف بورق الكآبة المعتم..

بضعة أيام هى ونبدأ صفحة جديدة. إذن فمع نزع تلك الورقة الأخيرة من أيام 2010 احذر أن تنقل عدواه المنقوعة فى كأس الحزن أو الرتابة أو الخوف معك.. انفض عنك كل ذلك وادخل بابتسامتك العريضة 2011 لتنتشر العدوى الصحية حولك.
خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات