نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتبة هيلة المشوح بتاريخ 25 أغسطس تدعو فيه العالم العربى إلى الاهتمام بالتخصصات التقنية مع تسهيل إجراءات القبول للشباب بتلك التخصصات مثل كوريا الجنوبية... نعرض من المقال ما يلى:
شهد العالم تحولا رقميا هائلا فى السنوات الأخيرة وبالأخص بعد المتغيرات التى حدثت على إثر جائحة كورونا، السبب الذى أجبر الكثير من المنظمات والمؤسسات والدول إلى التحول والتكيف السريع مع المستجدات داخل العالم الرقمى والبحث عن الاستراتيجيات والأدوات المرنة لتذليل بيئات العمل ورقمنتها وفق متطلبات الحياة الجديدة وتسيير الحياة تبعا لما تقتضيه الظروف الطارئة لتصبح هذه المتغيرات نمطا مريحا فيما بعد ومجالا خصبا للإبداع فى العالم الرقمى المثير.
تطورت دول الخليج فى تحولاتها الرقمية بشكل ملموس فى السنوات القليلة الماضية، فقد حققت دولة الإمارات ــ مثلا ــ مستويات متقدمة فى التحول الرقمى على الصعيد العربى والإقليمى والعالمى، لتنضم إلى قائمة أفضل الدول على مستوى العالم فى التحول الرقمى الحكومى بحسب التقييم الصادر عن البنك الدولى، والذى يقيس مستويات نضج التحول الرقمى والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى تسيير العمل فى القطاع الحكومى فى 198 دولة حول العالم.
ولأن الطلب على دراسة تخصص المهارات الرقمية يزداد يوما بعد يوم، ونظرا لأهميته الفائقة فى تسيير نمط متقدم للحياة بشتى مجالاتها وبشكل يجعل الاستغناء عنها غير وارد، فقد أصبح المجال الرقمى من الضرورات الرائجة ومن مقضيات التحول التعليمى لبعض الدول.
ففى كوريا الجنوبية على سبيل المثال، يبدأ العمل هذا العام بخطة تعليمية تعتمد على رعاية مليون محترف متخصص فى مجالات الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة والتقنيات الرقمية الأخرى على مدى السنوات الخمس المقبلة تستهدف تلبية الطلب على المحترفين فى المجالات الرقمية وتعزيز الاندماج متعدد التخصصات بين التقنيات الرقمية والمجالات الدراسية الأخرى فى التعليم الجامعى.
وبحلول عام 2027 تكون كوريا الجنوبية قد أسست 100 جامعة متخصصة فى مجال البرمجيات، وهذه الخطة الدراسية تشمل أيضا التعليم ما قبل الجامعى بتوفير مسارات تعليمية ودورات خاصة فى الذكاء الاصطناعى فى المدارس الثانوية العلمية واستحداث فصول للبرمجة لطلاب المدارس الابتدائية والمتوسطة وفقا لمتطلبات المرحلة الآنية والمستقبلية.
باتت التخصصات الرقمية اليوم من أكثر التخصصات طلبا فى سوق العمل، فهناك مجالات متعددة فى هذه التخصصات وتفرعاتها، وجميعها تسهم فى بناء منظومة عالية التطور والأمان على مستوى الأوطان.
ومن التخصصات التى اعتمدتها بعض الدول لدعم أمنها ودقة معلوماتها وحفظ بيانات مستخدميها وتسهيل حياتهم، هى أمن المعلومات والأمن السيبرانى وما ينطوى تحتها من مسارات تقنية (علوم الحاسب، نظم المعلومات، تطوير البرمجيات، تقنية المعلومات، الشبكات، أمن المعلومات والأمن السيبرانى، علم البيانات، التصميم الرقمى، هندسة الحاسوب، هندسة البرمجيات، الهندسة الطبية الحيوية) وغيرها من المجالات.
وحين نستحضر ما حدث من متغيرات رقمية خلال السنوات العشر الماضية (وقبل كورونا) مقارنة بالسنتين الأخيرتين، فإن الهوة واسعة بل هى مثار للتندر لأبناء هذا الجيل، ناهيك عن الفترة ما قبل الثلاثين عاما ونيف حين كان الحاسب الآلى وأنظمته بمثابة ثورة تقنية مبهرة فى المؤسسات والشركات والقطاعات الحكومية، وما بين ذلك الوقت ووقتنا الحالى بما يعتريه من ثورات تقنية عالية يبقى السؤال الملح دائما.. ماذا بعد؟ وكيف ستكون الحياة مستقبلا؟
أخيرا.. من المهم جدا تذليل الانخراط فى التخصصات التقنية بفسح المجال للشباب فى الجامعات والمعاهد فى عالمنا العربى وتسهيل عملية القبول فيها، فالشباب هم وقود التنمية وهم محرك التغيير والتطور.
ففى كوريا الجنوبية ووفقا للخطة الدراسية الآنف ذكرها، فإن الجامعات منحت امتيازات خاصة لزيادة فرص القبول فى أقسامها الرقمية، فضلا عن مبادرة الحكومة بمنح إعانات لزيادة عدد الملتحقين فى تلك المجالات!