عادت قضية نفط كردستان لتأزم العلاقة بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية فى بغداد، ولتطرح المزيد من التساؤلات المؤجلة عن مستقبل إقليم كردستان السياسى، فهل كردستان العراق دولة تحت الإنشاء؟ أم أن القضية لا تعدو أن تكون قضية مالية واقتصادية، صراعا بين المركز والإقليم على الموارد والصلاحيات؟ فإلى أين سيمضى تقارب إقليم كردستان الاقتصادى مع تركيا؟ وما هى تأثيراته المستقبلية على وحدة العراق؟ وحلم الدولة الكردية والقضية الكردية فى تركيا؟
بدأ إقليم كردستان العراق فى 22 مايو 2014 تصدير أول شحنة من النفط الخام عبر ميناء جيهان التركى، وسارعت وزارة النفط فى بغداد بتقديم شكوى فى غرفة التجارة الدولية بباريس ضد تركيا وشركتها النفطية «بوتاش» لخرقهما الاتفاق العراقى التركى الموقع فى عام 2010 بشأن تصدير النفط، وقيامها بالتصرف بالنفط العراقى دون علم الحكومة الاتحادية وشركة تسويق النفط العراقية «سومو» بشأن عمليات تصدير النفط. وانتقد رئيس الحكومة العراقية المالكى، بشدة، قيام سلطات إقليم كردستان بتصدير النفط العراقى، واصفا العملية بأنها أقرب إلى «السرقة»، حيث تصر حكومة بغداد على أنها الوحيدة صاحبة الحق فى استغلال ثروات البلاد النفطية وبيعها، بينما تصر حكومة إقليم كردستان على حقها فى بيع النفط المستخرج من الأراضى الخاضعة لسيطرتها. وقال الناطق الرسمى باسم كتلة التحالف الكردستانى فى البرلمان العراقى مؤيد الطيب، إن أساس الخلاف هو مع تحالف «دولة القانون»، حيث قال «إن مفاوضى دولة القانون أبلغونا بروح استعلائية إنكم لم تتعلموا بيع الطماطم والخيار، فكيف يمكنكم بيع النفط»! وقال «إننا أبلغناهم أن بيع الطماطم والخيار أصعب من بيع النفط، لأن البلد الوحيد الذى يحتاج طماطم وخيار هو العراق، بينما كل العالم بحاجة إلى النفط»! لقد حولت سياسات حكومة المالكى قضية نفط كردستان إلى معركة سياسية، وأدخلتها فى إشكاليات دستورية وقانونية كان يمكن تجاوزها فيما لو تم إنجاز قانون النفط المعطل منذ سنوات.
من المعروف ما لموارد الطاقة من نفط وغاز من دور فى استقلال الدول، ولذا كان وما زال ينظر لسياسات حكومة إقليم كردستان فى مسألة النفط بمزيج من الريبة والترقب، فالخلافات المتفاقمة بين حكومة رئيس الوزراء المالكى ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزانى، تجاوزت الخلافات الطارئة إلى صراع على نفط كردستان، فهو صراع يتجاوز حتى تضارب المصالح بين إقليم كردستان والحكومة المركزية فى بغداد إلى تضارب مصالح إقليمية ودولية على موارد الطاقة وخطوط إمدادها. فى الحقيقة لقد أحيا سقوط بغداد 2003 الحلم الكردى، وأصبح نفط الإقليم جسرا لاستقلال أو انفصال كردستان العراق.