تكفير بريطانيا عن وعدها المشئوم - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تكفير بريطانيا عن وعدها المشئوم

نشر فى : الإثنين 5 فبراير 2024 - 8:10 م | آخر تحديث : الإثنين 5 فبراير 2024 - 8:10 م
يتحمل البريطانيون وزر الآلام التى يعانيها الفلسطينيون فى غزة والضفة والقدس المحتلة وكل شبر فلسطينى، فتلك الآلام والمعاناة هى ثمرة الوعد البريطانى المشئوم بإقامة وطن قومى لليهود على أرض فلسطين، وبالتالى فإن البريطانيين شركاء ضالعون للاحتلال الإسرائيلى فى كل الجرائم والمجازر التى تعرض لها الفلسطينيون على مدى نحو قرن من الزمان.
البداية كانت فى 2 نوفمبر عام 1917 عندما كتب وزير الخارجية البريطانى أرثر بلفور رسالة إلى المصرفى البريطانى وأحد زعماء اليهود فى بريطانيا البارون روتشيلد، قال فيها: «إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية».
وعقب هذا الوعد المشئوم، بدأت جحافل الهجرة اليهودية تتدفق على فلسطين من القارة الأوروبية،
خلال فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية وما شهدته من ارتفاع منسوب الكراهية لليهود أو ما يعرف بمعاداة السامية، ما ساهم فى قيام الدولة العبرية فى 15 مايو 1948، ومن وقتها إلى اليوم يدفع الفلسطينيون ثمن «نظرة حكومة جلالته بعين العطف إلى تأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين».
هذا الجرم البريطانى المشهود بحق الشعب الفلسطينى لا يمكن أن يسقط بالتقادم، فهو وصمة عار يجب أن تلحق بكل بريطانى ذكرا كان أم أنثى، إلا من يعلن تبرؤه شخصيا من هذه الجريمة النكراء، ويبذل كل جهد فردى وجماعى لرد الحق لأصحابه، والكف عن المساندة العمياء لإسرائيل، وذلك إذا أراد البريطانيون التطهر من رجس المشاركة فى عمليات الإبادة الجماعية التى تعرض ويتعرض لها الفلسطينيون.
مناسبة التذكير بالوعد البريطانى المشئوم، وضرورة التكفير عنه تأتى فى سياق ما أعلنه قبل أيام وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون، من تصريحات فى أكثر من محفل عن أن بلاده تدرس «الاعتراف بالدولة الفلسطينية» وأن لندن «ستنظر مع حلفائها فى مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما فى ذلك فى الأمم المتحدة».
كاميرون قال أيضا لهيئة الإذاعة البريطانية إنه «يجب منح الفلسطينيين أفقا سياسيا لتشجيع السلام فى الشرق الأوسط». وإنه «يجب أن يظهر للشعب الفلسطينى تقدما لا رجعة فيه نحو حل الدولتين».
لكن هل لنا أن نصدق تصريحات كاميرون؟ هل لنا التسليم بسعى بريطانى جاد لتصحيح أخطاء الماضى؟! فى ظل السجل البريطانى الحافل بالمواقف المساندة والمؤيدة للجرائم الإسرائيلية المتعاقبة، ربما يعتبر البعض أنها مجرد ألاعيب، ووعود، بريطانية كاذبة تستهدف منح الإسرائيليين المزيد من الوقت للخروج من مأزق العدوان على غزة الذى وحلوا فيه.
لكن رأيا آخر يقول دعونا لا نطلق أحكاما مسبقة، ولننتظر حتى تتكشف لنا النوايا البريطانية، فإذا وجدنا خطوات جادة وعملية للاعتراف بالدولة الفلسطينية فلا بأس، ولتكن بداية التكفير البريطانى عن جرائم تاريخية طويلة المدى ليس بحق الفلسطينيين وحدهم بل بالمنطقة ومن بينها العدوان الثلاثى الغاشم على مصر بمشاركة إسرائيل وفرنسا عام 1956، عقب تأميم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قناة السويس وإعلانها «شركة مساهمة مصرية».
حديث وزير الخارجية البريطانى عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية تزامن أيضا مع كلام مماثل صدر عن الخارجية الأمريكية، بشأن سعى واشنطن «لإقامة دولة فلسطينية مستقلة»، بينما ذكر موقع «أكسيوس» الأمريكى أن أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، طلب من أعضاء وزارته إجراء مراجعة وتقديم خيارات سياسية بشأن اعتراف محتمل بالدولة الفلسطينية بعد انتهاء العدوان الإسرائيلى على غزة، ودون الانتظار للتوصل إلى تسوية نهائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الانحياز الأمريكى السافر لإسرائيل يجعل التشكيك فى مدى صدق نواياها فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ربما أكثر من التشكيك فى جدية البريطانيين فى الأمر ذاته، غير أن موقف البلدين يعطينا مؤشرا على حجم الخسائر الفادحة التى تتكبدها إسرائيل فى غزة، على الرغم من مكابرة رئيس الحكومة الإسرائيلية وأركان حكومته من اليمين الصهيونى المتطرف.
التعليقات