«فى قلب الأحداث».. الدبلوماسى حين يبوح - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«فى قلب الأحداث».. الدبلوماسى حين يبوح

نشر فى : الإثنين 7 مارس 2022 - 8:45 م | آخر تحديث : الإثنين 7 مارس 2022 - 8:45 م

يضعنا وزير الخارجية السابق نبيل فهمى فى خضم وقائع وأحداث مرت بها مصر والوطن العربى والعالم، خلال فترة تمتد من النصف الأول لسبعينيات القرن الماضى، وحتى سنوات العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين، باعتباره مشاركا فى بعضها، وعلى خطوط التماس مع غالبيتها، بوصفه دبلوماسيا كان على رأس بعثات مصرية فى عواصم مهمة فى مقدمتها العاصمة الأمريكية واشنطن، قبل أن يعتلى قمة الدبلوماسية المصرية ذاتها وزيرا عقب ثورة 30 يونيو 2013.
ويحفل كتاب أو مذكرات الوزير فهمى «فى قلب الأحداث.. الدبلوماسية المصرية فى الحرب والسياسة وسنوات التغيير»، الصادر عن دار الشروق أخيرا، بالعديد من الروايات المدعومة بالوثائق والشهادات عن أزمات محلية وأخرى أقليمية وثالثة دولية، كانت لها تأثيرات مدوية على حياة ملايين من البشر فى أرجاء المعمورة، وربما لا تزال تداعيات بعضها قائمة إلى اليوم على الرغم من مرور سنوات طويلة على وقوعها، لكنها تأبى المغادرة ليس من الذاكرة بل من الواقع ذاته.
مذكرات وزير الخارجية السابق، التى حررها وترجمها الصديق والكاتب الصحفى أشرف البربرى، مدير تحرير الشروق، الذى يتحمل مناكفاتنا اليومية بصدر رحب، تعطينا إطلالة واسعة على أحداث معاصرة لا يزال الجدل بشأنها فوارا، وهى بمثابة مادة دسمة للاتفاق والاختلاف، كونها وقائع طازجة خرجت لتوها من أتون معارك سياسة ودبلوماسية حامية الوطيس، صاغها البربرى بروح صاحبها الدبلوماسى المخضرم.
يروى فهمى، أو قل يبوح، فى مذكراته بجوانب شخصية، وأخرى عامة، رافقت مسيرته المهنية التى بدأت عقب حصوله على درجة البكالوريوس فى الفيزياء والرياضيات من الجامعة الأمريكية (يناير 1974)، والتحاقه بالخدمة العسكرية وعمله مع أشرف مروان الذى كان يشغل وقتها منصب سكرتير الرئيس الراحل أنور السادت للاتصالات الخارجية بديوان رئاسة الجمهورية، قبل أن تتوتر علاقته مع مروان، فينتقل للعمل بمكتب الرئيس الراحل حسنى مبارك إبان توليه منصب نائب رئيس الجمهورية.
يعرج «فى قلب الأحداث» على قصة الظهور الأول للفريق حسنى مبارك، قائد القوات الجوية، بصفته المدنية نائبا لرئيس الجمهورية، فى حفل زفاف نبيل فهمى، بدعوة من والده إسماعيل فهمى، وزير الخارجية الأشهر، بإيعاز من الرئيس أنور السادات الذى رأى فى الحفل فرصة لتقديم مبارك، بصفته الجديدة، إلى الإعلام والرأى العام، وهو ما فتح تقاربا بين فهمى الابن مع مبارك الرئيس فى محطات تالية.
مذكرات فهمى مغرية بالقراءة، ويمكن أن تجرفك تفاصيلها إلى تيار متدفق من الأحداث التى لا تنتهى، غير أننى وبحكم عاصفة الحرب الروسية الأوكرانية، وجدتنى واقفا متأملا لما ذكره الكتاب عن أزمتين كبيرتين عصفتا بمنطقتنا العربية، وهما على علاقة وثيقة ببعضهما البعض، أولهما غزو العراق للكويت أغسطس 1990، والثانية غزو الولايات المتحدة للعراق ذاته مارس 2003.
عن الأزمة الأولى، لم يغفل فهمى تذكيرنا بالرسالة التى نقلتها إبريل جلاسبى، السفيرة الأمريكية لدى بغداد، إلى الرئيس العراقى الراحل صدام حسين قبل غزو الكويت، التى اعتبرها البعض تشجيعا للعراق على احتلال دولة عربية جارة، وهى الرسالة التى تبرأت منها الإدارة الأمريكية، بينما تمسكت جلاسبى بأنها اتبعت التعليمات المرسلة إليها، قبل أن تدفع الثمن بترك منصبها ومغادرة وزارة الخارجية الأمريكية نهائيا.
أما الغزو الأمريكى للعراق فاكتفى بحديث صاحب المذكرات عن خطاب كولن بول وزير الخارجية الأمريكى الأسبق الذى برر به أمام مجلس الأمن الدولى فى فبراير 2003، غزو بلاده للعراق بحجة كاذبة وهى: «امتلاك صدام أسلحة دمار شامل». ويقول فهمى إنه التقى باول فى مناسبة اجتماعية خلال عمله سفيرا لمصر فى الولايات المتحدة (1999ــ 2008)، وسأله عما دفعه لطرح ذلك أمام مجلس الأمن «خاصة أنه شخص غير قابل للابتزاز»؟
هنا رد باول على السفير فهمى بقوله إنه كان بحكم منصبه مضطرا لخوض معارك عديدة داخل الإدارة ذاتها كل يوم «وقد كنت مجهدا، وتم تضليلى فى هذا الملف»، وهكذا غزت أمريكا دولة عربية ودمرتها بالكذب والتضليل.
بقى القول، وربما تكون شهادتى هنا مجروحة، عن الفخامة التى خرج بها كتاب «فى قلب الأحداث» عن دار الشروق التى أعلم مدى حرص القائمين عليها، وعلى رأسهم المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس الإدارة، لضمان أن يتطابق الشكل مع المضمون فى كل كتاب يشاء حظه الحسن أن يصدر عن «دار الشروق».

التعليقات