الحديدي ينصف النحاس - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحديدي ينصف النحاس

نشر فى : الإثنين 11 مارس 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الإثنين 11 مارس 2024 - 7:25 م

«خلاصة القول إن مصطفى النحاس الذى تجاهله الكثير من المؤرخين للأسف عن عمد أو دون عمد كان زعيما وطنيا بحق، ويجب أن يفرد له ما يستحقه من مكانة ودور فى الحركة السياسية والوطنية المصرية، كغيره من الزعماء الوطنيين الذين لعبوا دورا فى الدفاع عن شعوبهم». بهذه الكلمات اختار الدكتور علاء الحديدى، الباحث والدبلوماسى أن ينهى كتابه «مصطفى النحاس زعيم الطبقة الوسطى» فى دعوة لإنصاف رجل ربما ظلمته الأقدار وجارت عليه المقادير.
وفى صفحات تغمرها روح المحبة يغوص الدكتور علاء الحديدى الذى عمل سفيرا لمصر فى روسيا وتركيا ورومانيا فى تفاصيل حياة النحاس منذ مولده فى الخامس عشر من يونيه عام 1879 فى بلدة سمنود بمحافظة الغربية، ومرورا بمراحل تعليمه المختلفة، قبل انضمامه للوفد إلى جوار سعد زغلول ورفاقه، وقصة صعوده لزعامة حزب الوفد فى أعقاب وفاة زعيم الأمة فى 27 أغسطس 1927.
وعبر لغة سردية لا تفرط فى الانضباط وصرامة البحث الأكاديمى، يقدم الحديدى خلاصة جهد رسالته للدكتوراه فى العلوم السياسية من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن فى النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين عن دور مصطفى النحاس فى العديد من الأحداث الكبرى، محكوما، كما يقول، «برؤية طالب العلوم السياسية التى عادة ما تبدأ بدراسة نظرية ومفهوم القوة ــ السلطة التى تختلف عن دارس التاريخ الذى يهتم بعرض الوقائع والكشف عن أسرار الماضى».
وفى ندوة، شرفت بحضورها، وسط كوكبة من رجال الفكر والسياسة، فى مقدمتهم الدكتور محمد أبو الغار والدكتور عماد الدين أبو غازى والدكتورة منى أنيس والوزير السابق منير فخرى عبدالنور، والدكتور محمود أباظة رئيس حزب الوفد السابق، خرج مصطفى النحاس من بين سطور كتاب الحديدى الصادر حديثا عن دار الشروق، ليتحول إلى مادة ثرية للجدل والنقاش الهادئ أحيانا والصاخب فى بعض الأوقات.
الندوة التى جاءت بدعوة من دار الشروق وحضرها المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشروق، كانت فرصة للوقوف على محطات حافلة فى مسيرة مصطفى النحاس، الذى تولى منصب رئاسة الوزراء لسبع مرات فى خضم صراع بين ثلاث قوى رئيسة هى: الوفد بشعبيته الطاغية وأغلبيته الكاسحة، والملك ومن دار فى فلكه من أحزاب أقلية، والإنجليز، قوة الاحتلال.
وبالقطع استدعى النقاش واحدة من الأحداث الكبرى التى عادة ما تثير الخلاف عن دور النحاس فيها، وأعنى بها حادثة 4 فبراير 1942، عندما شكل زعيم الوفد الوزارة عقب محاصرة الدبابات البريطانية القصر الملكى والإنذار الذى وجهه السفير البريطانى مايلز لامبسون للمك فاروق، وهو ما جعل البعض يتهم النحاس بأن حكومته قد جاءت بحراب بريطانية.
وفى مواجهة الاتهام السابق يقدم الحديدى تفسيرا للأسباب السياسية التى دعت النحاس لقبول تشكيل الحكومة فى هذه الأجواء، قائلا: إن جذور هذه السياسة تعود إلى الأصول الفكرية لحزب الوفد التى تعود بدورها إلى فكر حزب الأمة القديم، والتى لا ترى غضاضة أو مانعا من التعاون مع بريطانيا ضد القصر، وصولا إلى تحقيق الاستقلال ولو بشكل تدريجى.
الكتاب الذى حمل غلافه صورة لمصطفى النحاس الزعيم الشعبى وهو نائم على دكة برصيف محطة بنى سويف عندما منع من زيارة المدينة فى خضم صراع الوفد مع أحزاب الأقلية، حافل بالعديد من المحطات فى حياة النحاس وخاصة توقيعه لمعاهدة 1936 مع الإنجليز، ثم إلغائها، كما قال فى إعلانه الشهير أمام البرلمان فى 8 أكتوبر 1951: «من أجل مصر وقعت المعاهدة، ومن أجل مصر ألغى المعاهدة».
بقى فى هذه المساحة الضيقة أن نشير إلى أن عنوان الكتاب «مصطفى النحاس.. زعيم الطبقة الوسطى» طرح سؤالا عريضا: هل كان مصطفى النحاس زعيما للطبقة الوسطى فقط، أم كان زعيما للأمة، وهو اللقب الذى سيظل حكرا على سعد زغلول؟.
وفى تقديرى أن الألقاب تعكس جانبا من مسيرة الوفد الذى بدأ تعبيرا عن الأمة، ثم انكمش مع الأيام وتراجع أمام حركة التاريخ التى مضت إلى الأمام لتحقيق أحلام المصريين فى الحرية والاستقلال.

التعليقات