بعد أن صادق المجلس الوزارى المصغّر (الكابينيت)، وبالإجماع، على خطط توسيع نشاط الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة، تبرز تلقائيا أسئلة مصيرية تتعلق بالعواقب الكارثية المتوقعة من استمرار الحرب:
قد يُقتل مخطوفونا الأحياء داخل الأنفاق، وسيُقتل العديد من الجنود، وسيتعرض آخرون لإصابات خطِرة، وستستمر مواكب التشييع، مثلما اعتدنا فى السنة ونصف السنة الأخيرتين.
لن نهزم حماس، لأن الجيش، فى وضعه الحالى، غير قادر على حسم المعركة، وسنفقد فى العالم أيضًا الذين ما زالوا يعتقدون أن «الجيش الإسرائيلى» جيش قوى، وسنخرج من الحرب بشعور من الإهانة والهزيمة، «نجرّ أذيال الخيبة»، تمامًا مثلما خرج الجيش الأمريكى من فيتنام وأفغانستان، وسنفقد ما تبقى من قوة ردع لدينا.
فى ظلّ فشلنا، سيرفع الحوثيون، والإيرانيون، والأتراك، والسوريون، وحزب الله، وحماس، رءوسهم بقوة أكبر، وسنجد أنفسنا فى حرب استنزاف مدمرة للدولة، سنفقد علاقاتنا مع دول عديدة فى العالم، ستواصل اتهامنا بارتكاب جرائم حرب، سنفقد قدراتنا الاقتصادية، ولن يكون هناك مال لإعادة تأهيل الجيش وتوسيعه فى ظلّ التهديدات المتصاعدة من كلّ الجهات، كذلك، لن تتوفر الأموال لإعادة إعمار بلدات الشمال والجنوب، التى لم يعد سكانها، فى معظمهم، إلى منازلهم بعد، وستواصل منظومات التعليم والصحة الانهيار، بينما سيشهد البلد هجرةً للأدمغة.
إن ضعفنا سيجعل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يفقد اهتمامه بنا، مثلما يحدث حاليًا، والأسوأ من ذلك أن مَن سيخلفه ربما سيكون من الحزب الديمقراطى، وقد يتنصل من دعم إسرائيل، لا بل يوقف المساعدات المقدَّمة لها، وسيرتفع الانفجار الاجتماعى فى إسرائيل إلى مستوى جديد، وستتحطم القدرة الوطنية على الصمود، ولن يفصل بين الوضع الاجتماعى السيئ القائم وبين الحرب الأهلية سوى شعرة.
هذا كلّه متوقع لأن قادتنا غير عقلانيين، وبعضهم يحمل فكرًا مسيانيًا، وهم منفصلون عن الواقع، ويستخدمون الجيش كأداة لخدمة مصالح ضيقة تخص السلطة، على حساب أمن الدولة، ولسوء حظنا، يترأس الجيش اليوم رئيس أركان ضعيف ينفّذ أوامرهم، ولا يملك الشجاعة لمواجهتهم بالحقيقة، ويشرح لهم الوضع الحقيقى والهشّ للجيش الذى يواصل التدهور، أيضًا ليس لديه القدرة على مطالبة القيادة السياسية بوقف القتال الذى لا طائل منه، والانتقال فورًا إلى إعادة بناء الجيش والدولة فى مواجهة تهديدات أخطر بأضعافٍ مضاعفة من تهديدات حماس.
نحن شعب من السذّج، يُساء استغلالنا، ولا نعرف كيف نتمسك بموقفنا، لا تظنوا أن التغيير سيأتى من فوق فقط، إذا نهض الشعب الذى يتوق إلى الحياة (بعد أن أسّس دولة مزدهرة، بعد ألفَى عام من المنفى)، وخرج إلى الشوارع، فسيأتى التغيير، فقط خروج الملايين إلى الشوارع، واستبدال السلطة، يمكنهما إنقاذنا من التهديد الوجودى الداخلى الذى نعيشه اليوم، ليس مهمًا أى نوع من الحكم سيُنتخب (يمينى، وسطى، يسارى، أو حكومة طوارئ وطنية) لاستبدال الجماعة الهاذية التى تدير دولتنا حاليًا، فأى حُكم ديمقراطى سيكون أفضل منها.
يتسحاق بريك
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية