لا حرب كاملة.. ولا سلام حقيقيا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 19 أكتوبر 2025 1:00 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

لا حرب كاملة.. ولا سلام حقيقيا

نشر فى : السبت 18 أكتوبر 2025 - 6:35 م | آخر تحديث : السبت 18 أكتوبر 2025 - 6:35 م

ما الذى سيحدث فى غزة الأيام والأسابيع والشهور وربما السنوات المقبلة؟!
السؤال يبدو سهلا، لكن معظم الإجابات تبدو صعبة، فكل الاحتمالات واردة فعلا وهى رهن بعوامل متداخلة ومتشابكة وشديدة التعقيد. لكن أغلب الظن فإن الإجابة الأقرب إلى الواقع الحالى، من وجهة نظرى، هى أن المستقبل سيكون حالة ما بين الحرب والسلام، أى وحسب عنوان ذكى ومهم ورد فى صحيفة «النيويورك تايمز» صباح السبت الماضى: «فلا حرب كاملة ولا سلام حقيقيا».
لو أن القرار فقط بيد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فسوف يجعل الحرب دائمة ومستمرة حتى يحقق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية لبلاده والشخصية لنفسه.
هو يريد تهجير الفلسطينيين من القطاع والضفة حتى يتم تصفية القضية الفلسطينية للأبد وإذا كان مخطط التهجير قد سقط مؤقتا بخطة ترامب، فالمؤكد أنه لم ينته تماما، وأغلب الظن أننا سندخل فى خضم محاولات لتنفيذ «التهجير الناعم» بطرق متعددة.
استمرار الحرب، حتى ولو بصورة متقطعة، سيحافظ لنتنياهو على ائتلافه وبقاء حكومته حتى الانتخابات المقبلة فى العام القادم، وبالتالى الإفلات من المحاكمة القضائية والسياسية التى تلاحقه.
ولو كان القرار بيد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فقط فإنه يدعم إسرائيل بكل قوة، لكنه فى نفس الوقت يريد الحفاظ على وقف إطلاق «النار الهش» ليس حبا فى الفلسطينيين أو احتجاجا على الإبادة الجماعية بحقهم، ولكن حفاظا على المصالح الأمريكية فى المنطقة، التى تضررت كثيرا بفعل تهور نتنياهو وبالأخص بعد عدوانه على قطر فى ٩ سبتمبر الماضى.
ولو كان الأمر بيد حركة حماس فقط، فسوف تسعى للحفاظ على أية صيغة لوقف الحرب وإعادة تثبيت أقدامها مرة أخرى فى غزة، وفرض سيطرتها ومطاردة عملاء إسرائيل، حتى لو أدى ذلك إلى استمرار الحصار الإسرائيلى وعدم تنفيذ خطة ترامب المكونة من عشرين بندا ومنها إخراج حماس من السلطة ونزع سلاحها.
ولو كان الأمر بيد الدول العربية الفاعلة والأساسية فهى تريد عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة، وتنفيذ عملية إعادة الإعمار فى القطاع المدمر، وأن تتخلى حماس عن السلطة وعن التأثير فى القطاع، بعد أن أدت عملية «طوفان الأقصى» إلى كل هذه الخسائر من وجهة نظر العديد من الحكومات.
ولو كان الأمر بيد الشعب الفلسطينى فقط لتمنى توقف الحرب والعيش فى سلام وهدوء واستقرار فى دولة مستقلة وقيادة راشدة غير متهورة وغير خاضعة للاحتلال.
وبالتالى فأغلب الظن أن قمة شرم الشيخ لعبت دورا مهما فى كسر دوامة الحرب والعدوان، وأتاحت فرصة كى يلتقط الفلسطينيون أنفاسهم، وتكون هناك قوة زخم دولى كبيرة وغير مسبوقة لاستمرار وقف القتال.
إسرائيل ستحاول فى الفترة المقبلة اختلاق كل الحجج والمبررات من أجل نسف الهدنة والعودة للقتال الشامل أو الجزئى، وفى أسوأ الأحوال سوف تحاول تطبيق نموذجها فى لبنان، أى التوقيع على اتفاق وقف النار مع حزب حماس، ولكن مع الاستمرار فى توجيه ضربات شبه يومية إلى عناصرها وقواعدها، لكن من دون حرب كاملة مفتوحة.
لن تسمح إسرائيل بإدخال كامل المساعدات المتفق عليها، ولن تسمح بإدخال كامل المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض، ولو للبحث عن بقية جثامين أسراها، لأنها باختصار لا تريد لعملية إعادة الإعمار أن تكتمل. سوف تتحجج بملايين الحجج خصوصا الجثامين، ثم نزع سلاح حماس، ثم تدمير الأنفاق وهكذا حتى يظل القطاع نقطة طاردة للفلسطينيين، وبالتالى تفكير بعضهم فى الهجرة والرحيل.
الذى سيمنع هذا السيناريو الإسرائيلى أن يتوحد الفلسطينيون وألا يسمحوا لإسرائيل أن تجرهم إلى حروب داخلية سياسية أو عسكرية، وأن يستمر التنسيق العربى الحالى، وألا يسمح ترامب لنتنياهو بالعودة للحرب الشاملة.
وبالتالى فأغلب الظن لن تكون هناك حرب كاملة، لكن لن يكون هناك سلام حقيقى حتى تتغير موازين القوى على الأرض، وأن تدرك غالبية الدول العربية أن البلطجة الإسرائيلية لا تستهدف فلسطين فقط، ولكن غالبية الأمة العربية. ومن يتشكك فى ذلك عليه مراجعة ما قاله نتنياهو بأنه سيعيد رسم المنطقة من جديد على أسس إسرائيلية، وصولا إلى تحقيق حلم «خريطة إسرائيل الكبرى».

عماد الدين حسين  كاتب صحفي