الذكاء الاصطناعى لا يصنع المعجزة.. بل من يستخدمه بذكاء - قضايا تكنولوجية - بوابة الشروق
السبت 18 أكتوبر 2025 8:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

الذكاء الاصطناعى لا يصنع المعجزة.. بل من يستخدمه بذكاء

نشر فى : السبت 18 أكتوبر 2025 - 6:25 م | آخر تحديث : السبت 18 أكتوبر 2025 - 6:25 م

نشرت مؤسسة The American Enterprise Institute مقالًا للكاتب ديفيد شايفيتز، تناول موضوع الذكاء الاصطناعى وأثره على الإنتاجية.. نعرض من المقال ما يلى:
خارج ضجيج العناوين المبالغ فيها، يوضح شايفيتز أن المؤسسات من مختلف الأحجام، بما فى ذلك مؤسسات الرعاية الصحية، ما زالت تحاول بجدية اكتشاف موقع الذكاء الاصطناعى فى أعمالها وخططها المستقبلية. ويستشهد الكاتب بنقاش جمع بين ثلاثة شركاء من شركة الاستثمار الشهيرة «أندريسن ــ هورويتز» (a16z) ــ إيريك تورنبرج، ومارتن كاسادو، وستيفن سينوفسكى ــ إلى جانب آرون ليفى، الرئيس التنفيذى لشركة «Box». وكانت النتيجة أن الذكاء الاصطناعى حقق أكبر مكاسب إنتاجية لدى فئة محددة من المستخدمين: أولئك الذين يتمتعون بالشغف والخبرة والفضول، ويملكون القدرة على التجريب والفهم العميق لتخصصهم.
يؤكد آرون ليفى أن الذكاء الاصطناعى لا يعوض نقص الخبرة، بل يضخم أثرها. فالخبير يعرف ما هو صحيح وما يمكن تطبيقه وما يجب تجاهله من مخرجات الذكاء الاصطناعى. أما من يفتقر إلى هذه المعرفة، فلن يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة. يقول ليفى: «أكبر مكاسب الذكاء الاصطناعى تذهب إلى الأشخاص الذين يعرفون مجالهم بعمق. فالخبراء يزدادون قوة فى هذا العالم الجديد». ويضيف مارتن كاسادو أن الفرق الصغيرة ذات الخبرة الرفيعة التى تستخدم الذكاء الاصطناعى تصبح «خارقة للبشر»، مشبهًا أعضاءها بشخصيات «تونى ستارك» الأسطورية فى براعتهم وسرعة إنجازهم.
ومع ذلك، لا يقتصر النجاح على الخبراء المتمكنين وحدهم، إذ يشير ليڤى إلى فئة جديدة من المهندسين الشباب الذين نشأوا فى بيئة رقمية خالصة، فهم «جيل الذكاء الاصطناعى الأصلى»، يتعاملون مع التقنية بعفوية واندماج، ويعيدون صياغة طريقة بناء الشركات الناشئة. هؤلاء، كما يسميهم الكاتب، «المستخدمون القادة»، يمثلون نمطًا جديدًا من الابتكار يأتى من الأسفل إلى الأعلى، حيث تُوجَّه الأدوات التقنية لخدمة احتياجات واقعية بدلًا من أن تُفرض من الإدارة العليا.
ويحذر المقال من النهج العكسى الذى تتبعه الشركات الكبرى فى تطبيق الذكاء الاصطناعى. فكما يوضح كاسادو، تفشل نحو 95% من مشاريع الذكاء الاصطناعى فى المؤسسات لأنّها تنطلق من «قرار إدارى من أعلى»، تُسند إلى استشاريين وتُنفذ دون تفاعل حقيقى من العاملين أنفسهم. ويضيف سينوفسكى أن الشركات الكبرى لا تتقن «التبنى التصاعدى» للتقنيات الجديدة، لأنها تخشى فقدان السيطرة، وتغلب عليها هواجس الخصوصية والأمن، ما يجعلها بطيئة فى التكيف مع التغيرات.
ثم ينتقل شايفيتز إلى مقارنة مثيرة بين تبنى الذكاء الاصطناعى فى الشركات الناشئة والقطاع الطبى. ففى بودكاست نشرته منصة NEJM-AI، تحدث الدكتور كارانديب سينج، كبير مسئولى الذكاء الاصطناعى فى جامعة كاليفورنيا بسان دييغو، عن التحديات التى تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعى فى الأنظمة الصحية القائمة، مؤكدًا أن «أفضل ذكاء اصطناعى هو الذى يُوجَّه برعاية المرضى، وخبرة عميقة، وتواضع أمام حدود التكنولوجيا». على النقيض من ذلك، تتبنى أصوات وادى السيليكون نهجًا أكثر ثورية. فالشريكة فى a16z، جولى يو، ترى أن الذكاء الاصطناعى سيحدث ثورة حقيقية فى الطب، بينما يذهب مارك أندريسن أبعد من ذلك، قائلًا إن «ChatGPT أصبح طبيبًا أفضل من طبيبك بنسبة تقارب 100%». ويرى أندريسن أن العقبة الحقيقية أمام تحول الذكاء الاصطناعى فى الطب ليست تقنية بل تنظيمية، بسبب تراخيص المهنة والقيود البيروقراطية.
ويضرب الكاتب مثالًا آخر على منطق وادى السيليكون من خلال إعلان شركة «NVIDIA»، التى تبلغ قيمتها نحو 4.5 تريليون دولار، عن وظيفة «مدير الشركات الناشئة فى الذكاء الاصطناعى الصحى». المثير أن الوظيفة لا تشترط أى خبرة فى الطب أو تطوير الأدوية، بل تركز على خبرة المرشح فى الذكاء الاصطناعى ورأس المال المغامر وتسريع الشركات الناشئة. الرسالة هنا واضحة: «الذكاء الاصطناعى هو كل ما تحتاجه».
لكن شايفيتز يرفض هذا الطرح الأحادى. فبالنسبة له، الذكاء الاصطناعى لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإنسان، بل أداة فى يده. الإنتاجية لا تنبع من التكنولوجيا فى حد ذاتها، بل من الإنسان الذى يوجّهها بذكاء ويعرف حدودها. ما يجعل الخبراء أكثر تميزًا هو أنهم يفهمون أين تنتهى قدرة الآلة وتبدأ مسئولية العقل البشرى.
فى النهاية، يقدم المقال رؤية متزنة فى زمن يطغى فيه التهويل: الذكاء الاصطناعى قادر فعلًا على مضاعفة الإنتاجية، لكن بشرط أن يكون فى أيدٍ تعرف كيف تستخدمه. فالتقنية بلا بصيرة لا تصنع سوى فوضى، أما حين تتلاقى مع الخبرة والفضول والوعى، فإنها تفتح الباب أمام عصر جديد من الإبداع والإنجاز.


مراجعة وتحرير: يارا حسن
النص الأصلى:
https://bitly.cx/OyC0c

قضايا تكنولوجية قضايا تكنولوجية
التعليقات