الحزن المقيم على «تيران وصنافير» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحزن المقيم على «تيران وصنافير»

نشر فى : الإثنين 19 يونيو 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 21 يونيو 2017 - 2:19 م
عاصر جيل الستينيات من القرن الماضى هزيمة 5 يونيو 1967، وازدرد مرارتها، قبل أن يظل ينفث فى أرواح الأجيال اللاحقة تلك المرارة التى لم يفلح نصر السادس من أكتوبر العظيم أن يمحو علقمها من الحلوق، وعلى ما يبدو فإن معاصرى يوم 14 يونيو 2017 سيكون قدرهم تجرع المرارة ذاتها وإعادة بثها فى نفوس الأجيال القادمة باعتبارها الحالة الأولى فى التاريخ التى يتطوع فيها بلد بالتنازل عن جزء من ترابه الوطنى بلا قيد أو شرط.
ظن بعض المصريين، وبعض الظن إثم، أن الحكم النهائى البات الصادر عن المحكمة الإدارية العليا فى يناير الماضى القاضى برسوخ السيادة المصرية على جزيرتى تيران وصنافير سيكون بمثابة الجولة الأخيرة فى الجدل الذى تفجر إلى حد التناحر منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية فى إبريل 2016، لكن الحكومة التى فشلت فى تقديم ما يثبت حق المملكة فى الجزيرتين أمام المحكمة، سارعت بإرسال الاتفاقية إلى مجلس النواب لينتهى الأمر على النحو الذى وصلنا إليه حاليا.
وبعد أن ظل الأمر يراوح بين صدور الأحكام والطعن عليها، وصل الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا التى يتنظر أن تعلن حكمها فى منازعات الأحكام بين القضاء الإدارى والقضاء المستعجل فى هذه القضية قبل نهاية يوليو المقبل، لكن وفى أقل من أربعة أيام «سلق» مجلس النواب المناقشات ومرر اتفاقية ترسيم الحدود التى تتنازل فيها مصر عن «تيران وصنافير»، فى صفقة يغلفها الغموض، بدرجة تبعث الريبة فى نفوس المصريين الذين يتابعون الموقف بصمت يثير المخاوف.
ويوم الجمعة الماضى شاركت فى حفل إفطار نظمته جمعية أبناء الصعيد فى الهرم التى يرأسها زميلنا الصحفى محيى الدين سعيد فى مقرها بكفر الجبل، وحضره عضو مجلس النواب عن الدائرة الدكتور حمدى السيسى، ورغم أن منظمى الحفل حرصوا على عدم الخوض فى الأمور السياسة فى وجود النائب البرلمانى، وبناء على طلبه كما علمت، واقتصار الحوارات الجانبية على الجوانب الاجتماعية التقليدية، غير أن حديث السياسة تفجر على أحد مقاهى منطقة نزلة السمان وسط عدد ممن حضروا الإفطار وبينهم الناقد الرياضى عصام شلتوت.
فى البداية أخذ الحضور يلفون ويدورون حول الشأن العام فى حذر لم أعهده على مثل هذا النوع من التجمعات، قبل أن يكون أحد الشباب أكثر جرأة من كبار السن فى طرح قضية «تيران وصنافير»، وهل ما جرى يعد تنازلا أوتفريطا، أم أن الحكومة تملك من الأسباب ما يجعلها تسلم الجزيرتين عن طيب خاطر للأشقاء فى السعودية؟ هنا تدفق شلل الكلام ليدلى كل برأيه فى القضية الأكثر استحواذا على الاهتمام فى كل بيت مصرى حاليا.
الشاب الذى بدأ بطرح القضية، قال: إنه من مؤيدى الرئيس السيسى، غير أنه ليس على يقين فى أمر الجزيرتين، وما إذا كنا نتصرف بشكل صحيح، أم أن هناك ضغوطا غير منظورة دفعت بالقيادة السياسية إلى اتخاذها هذا الموقف؟ الشاب بدا فى حيرة نقلها إلى من حوله، فراحوا يقلبون الأمر على مختلف الوجوه، من دون أن يقطع أحدهم بالقول الفصل، لكن ما جمع بين الحضور الشعور بعدم الرضا على ما يحدث، خاصة السرعة الغريبة التى مرر بها البرلمان الاتفاقية.
وعقب نقاش استمر لأكثر من ساعتين، غادرت أبناء عمومتى من جمعية أبناء الصعيد، يواصلوا مجلسهم على المقهى الشعبى، وقد لفنى حزن دفين ليس على ضياع جزيرتى «تيران وصنافير»، بالطريقة التى خلفت الشكوك فى النفوس، بل للحيرة وعدم اليقين التى تسللت إلى الشارع المصرى، وهى حالة مقلقة، أخشى أن يطول لها المقام.
التعليقات