بين الله والبيتلز! - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 4:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين الله والبيتلز!

نشر فى : الثلاثاء 21 يناير 2014 - 9:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 يناير 2014 - 12:26 م

خولة مطر

تسرق بعضا من دفء الشمس الخجولة التى لا تخرج من بين زحمة الغيوم حتى تخفيها مجموعة اخرى.. ترى ان هذه المدينة كما مدن كثيرة قد تمنحك الكثير غير التسكع فى الاسواق الواسعة المتكررة ببلادة شديدة فى معظم مدننا.. اين تذهب هذا المساء؟ سؤال قد يتكرر عليك أينما ترحل وفيما الاجابة دوما إما «مول» آخر أو مطعم أو مقهى منزوع الطعم والرائحة.. هنا مدن غير كثير من تلك المدن المحدثة النعمة!!! مدن بطعم التاريخ لم تبخل على تاريخها وحضارتها ان تمسك عليهما وتستثمرهم لصالح الحاضر.. الشوارع تحمل يافطات على المنازل هنا منزل دكنز وهنا جلس اليوت ليحتسى القهوة.. والمكتبات رغم غزو الآيباد والقراءة على النت إلا ان الكتاب حاضر فى وسائل المواصلات، الجميع لا يزال يحمل كتابا أو جريدة أو ربما يقرأ من على الآيباد أو الهواتف «الذكية»!!!

•••

هذه المدن قليلا ما تضع سورا حول الفكر.. بل ربما نادرا جدا.. كل يعبر على طريقته لا يوقفهم رجل أمن ولا رجل دين من قول ما يرون انه جزء من تطور الفكر عامة.. ذاك الفكر البشرى.. مسرحيات تحكى وتسخر من الاديان جميعا قيل ان الكثيرين خرجوا من الفصل الاول وهذا حقهم أيضا.. حقك ان تخرج من اول عبارة فى مسرحية «ذى بوك اوف مورمونز»، أو تخبر اصحابك بأنك لم تستطع ان تتحمل كل هذا القذف بحق الاديان والله!!! ولكنك لن تستطيع ان توقف المسرحية من العرض ولن تتوقف خياراتك هنا بل الخيارات لا حدود لها سوى السماء أيضا.

•••

تغتسل المدينة طويلا بالامطار التى لا تتوقف فهذا فصل الشتاء وهذه لندن مدينة الضباب والامطار.. تخرج المظلات بتلاوينها ويجرى البعض باحثا عن دفء بعيد عن لسعة برد الشتاء القارس فى يناير.. لا تزال تعرف ان هناك فى فيكتوريا اند البرت معرض طريق اللؤلؤ فكثير مما هو هناك تعرفه كثيرا.. هذا الطريق يمر ببلدك بل هو الوطن الأول.. هو الطفولة والتاريخ واللعب مع الاصدقاء الاول.. الجرى خلف قوس قزح والامساك بنسمة قادمة من ملح البحر.. ومعرض صور لطريق الحرير.. كلها طرق لم تمر بهذه المدينة أو هذا البلد إلا ان الكثيرين يصطفون للدخول ومشاهدة تلك المعارض الرائعة وهى فى كثير منها قادمة من هناك.. هذه طرق مرت بنا ولكنها كانت حجرا من أحجار التاريخ الحضارى للبشر فهنا يحتفون بها اكثر من هناك!!!

•••

وبينهما لا يزال محبو البيتلز يزدحمون فى انتظار دخول العرض الذى لم يتوقف منذ زمن.. كبار ومتوسطو العمر وحتى شباب وعودة إلى ذاك الفريق الموسيقى الذى جسد مرحلة من تاريخ هذا الكون.. كثير من التظاهرات ضد الحرب.. كانت حينها فيتنام ولا تزال الحروب تأكل البشر وتنهش فى المدن المتحضرة، تسرق بشرها وتاريخها وحضارتها وتحولها إلى اكوام من الحجارة.. اعطوا السلام فرصة يردد ذاك الفريق المتمرد حينها ولا يزال.. فينهض الحضور بأجمعهم حتى تلك الجالسة على الكرسى المتحرك تمسك بحاجز السلالم لتعيد ذكرى لحظات قد تبدو هى الاجمل.. تتراقص الاجساد وترتفع الاصوات اعلى ثم اعلى «كل ما نقوله ان تعطوا السلام فرصة. هل هناك فرص للسلام عندنا؟ ربما نعم ربما وإلا الهلاك أيضا.. انظروا كثيرا لا نملك فى مدننا إلا قصصا للموت تتنوع على تراتيل الصلوات، وباسم الدين والوطن والطائفة ينتصر القتل أو يبرر.. اختفت المسارح ودور العرض الموسيقية فهى اول ما يختفى من تلك المدن.. يقال لا مدينة دون مقبرة، وأيضا لا مدينة دون مسرح متحضر، لا مسارح الهوس والتهريج والسقوط فى الاستهلاك القاتل.. ولا مدينة دون متحف ومعرض للفن والحضارة.. بعضهم حملها من مدن بعيدة وغرس نبتة هنا واخرى هناك لتصبح عواصمهم ليست عواصم الصحراء القاحلة بل هنا أيضا متاحف يشهد لها ومعارض للفن الحديث وكثير كثير من المهرجانات!!! ولكن ألم يقل لهم احد ان المال قادر على شراء كل شىء وأى شىء.. شنطة يد أو حذاء ايطالى الصنع وعطر فرنسى.. قد تستورد كل مواد الاستهلاك إلا الحضارة صعب استيرادها فى طائرات خاصة!!!

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات