هيكل فى مكتبة الإسكندرية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:42 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هيكل فى مكتبة الإسكندرية

نشر فى : الإثنين 26 أغسطس 2024 - 6:15 م | آخر تحديث : الإثنين 26 أغسطس 2024 - 6:15 م

منذ أن وضع الإسكندر الأكبر حجر أساسها، عام 331 قبل الميلاد، لتحمل اسمه، بقيت الإسكندرية مدينة فريدة بين المدن المصرية، فهى عروس بكامل زينتها من حقها التباهى الذى قد يصل حد التعالى فى بعض الأوقات، ولِمَ لا وهى عبر العصور بوابة مفتوحة على أفق البحر الفسيح بأمواجه الجالبة للثقافات والتيارات الفكرية التى وضعتها ذات يوم على قمة الهرم الحضارى للعالم القديم بمنارتها ومكتبتها العريقة التى ضمت 400 ألف كتاب.

اختلف المؤرخون وتضاربت القصص والحكايات بشأن حريق مكتبة الإسكندرية القديمة، وتساءل المؤرخ الإنجليزى الأشهر ألفرد جوشرا بتلر (1850- 1936م): هل كان للعرب يد فى إحراقها؟ وبعد فحص وتمحيص فى كتابه العمدة «فتح العرب لمصر» الذى عربه محمد فريد أبوحديد، برأ بتلر العرب من تلك التهمة، ونفى رواية أبوفرج بن العبرى عن هذا الفعل المشين.

فى زيارة قبل أيام لابنة الشمس وزوجة القمر، قادتنى قدماى إلى مكتبة الإسكندرية الجديدة، التى كانت تعج بالانشطة الثقافية الصيفية، عقب افتتاح مديرها الدكتور أحمد زايد، معرض الكتاب، وبين أروقة الصرح الثقافى الذى أحيا به المصريون دور المدينة الحضارى، تذكرت كتاب بتلر الذى يذكر أن مكتبة الإسكندرية الشهيرة كانت فى حى البروكيون، وقد اجتمعت فيها «أجل مؤلفات العالم بفضل بطليموس الأول» (323 ق.م -283 ق.م).

اليوم تسعى المكتبة الجديدة، حسب زميلنا محمد الحباك، مسئول التنسيق الإعلامى بمكتبة الإسكندرية، إلى استعادة روح الانفتاح والبحث التى ميّزت المكتبة القديمة التى كانت تمثل منارة للعلم والثقافة، وساحة مفتوحة للحوار بين الحضارات، ومرفأ للإنسانية والتعددية والتسامح وقبول الآخر، حيث تضم بين جنباتها أكثر من مليونى كتاب.

المكتبة التى تحولت إلى قبلة لزوار الإسكندرية صيفًا وشتاء، تضم أيضًا، حسب الحباك، 4 متاحف و17 معرضًا دائمًا، و14 مركزًا بحثيًا متخصصًا فى الدراسات الإسلامية والدراسات القبطية ودراسات الخطوط ودراسات المرأة والتحول الديمقراطى ودراسات التنمية المستدامة ودراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط، وقسمًا للكتب النادرة والمجموعات الخاصة بمختلف الرموز والشخصيات العامة على المستويين المحلى والدولى.

طبعًا لا يتسع المقال للإلمام بالمحتويات والأنشطة المتعددة لمكتبة الإسكندرية التى تحتاج إلى أكثر من زيارة للوقوف على ما تحتوى من كنوز المعرفة، لكننى اخترت أن أطيل المقام فى جناح الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، الذى يضم مقتنياته الشخصية ومكتبته الخاصة، التى أهدتها الأسرة إلى مكتبة الإسكندرية فى عهد مديرها السابق الدكتور مصطفى الفقى.

جناح هيكل يحتوى على 4000 كتاب، وقد قام فريق من مكتبة الإسكندرية بعمل محاكاة لوضعها على أرفف، كما هى الأجواء بشقته على كورنيش نيل الجيزة. يضم الجناح أيضًا مجموعة من أهم أوراق هيكل الشخصية، ومنها شهادة ميلاده، وبطاقته العائلية، وشهادة إتمامه لمرحلة التعليم الابتدائى، ونسخة ضوئية من وصيته مكتوبة بخط يده، ومجموعة من جوازات سفره.

وإلى جوار مجموعة من متعلقات الأستاذ الشخصية مثل ساعة يده، وخاتمه، وعدد من أقلامه ونياشينه، هناك مجموعة مهمة من مقتنيات الراحل تتضمن خرائط تاريخية نادرة لمصر، وبعض الوثائق المكتوبة بخط يد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

الزائر لجناح هيكل لا بد وأن يسترجع علاقته مع عبدالناصر وخلافه مع السادات، باعتبارها مادة ثرية للبحث والتنقيب فى شخصيته، وكما كتبت فى «الشروق» عند رحيله فى فبراير 2016: «ترك هيكل إرثًا ضخمًا من الكتابات التى ضمت خلاصة خبرته الطويلة مع الحياة، كما أعطانا دروسًا مهمة، تؤكد جميعها أن الصحفى قيمة لا يجب التفريط فيها، فقد اختاره المجتمع للعب دور اللسان الناصح الأمين، وليس البوق المنافق الرخيص، وهو فرق لو تعلمون عظيمًا».

التعليقات