«لستُ أحمدى نجاد الذى تفكّر فيه».. الرئيس الإيرانى السابق يسعى إلى صورة «بطل التغيير» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«لستُ أحمدى نجاد الذى تفكّر فيه».. الرئيس الإيرانى السابق يسعى إلى صورة «بطل التغيير»

نشر فى : الجمعة 28 مايو 2021 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 28 مايو 2021 - 9:20 م
نشر موقع رصيف 22 تحليلا يشرح محاولات الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد خلق نظام سياسى جديد فى حقبة ما بعد المرشد الأعلى على خامنئى، كما أوضح التحليل أن استبعاده من الترشح للرئاسة كان ما أراده نجاد بالضبط ليظهر فى صورة ضحية نظام غير عادل وزعيم وطنى يسعى للتغيير.. جاء فيه ما يلى.

فى مايو 2021، أعلن مجلس صيانة الدستور فى إيران موافقته على خوض سبعة مرشحين للانتخابات الرئاسية المرتقبة فى 18 يونيو، مستبعدا واحدا من أشهر المرشحين، وهو الرئيس السابق محمود أحمدى نجاد، والذى يخوض، فى الوقت الحالى، مسارا مختلفا يُطلق هو عليه تسمية «الديمقراطى الليبرالى».
فى تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، شرح الباحث الإيرانى فى «المعهد الألمانى للشئون الدولية والأمنية» حميد رضا عزيزى مستقبل محمود أحمدى نجاد، الذى يطمح إلى خلق نظام سياسى جديد فى إيران، فى حقبة ما بعد المرشد الأعلى على خامنئى.
تشير التجارب السابقة لشخصيات محافظة بارزة، نجحت فى التحوّل من التيار اليمينى المتشدد إلى الجانب الآخر، أى إلى صفوف المعتدلين والإصلاحيين، إلى أن نجاد، المحافظ الشعبوى، قد ينجح فى تحقيق هذا الطموح خصوصا فى ظل ضعف المعارضة وخيبة أمل الشعب الإيرانى فى الإصلاحيين.

من محافظ إلى ليبرالى
شغل محمود أحمدى نجاد رئاسة إيران، من عام 2005 إلى عام 2013، واشتهر خلال تلك الفترة بحماسته الأيديولوجية المتشددة، وسياسته الخارجية العدوانية، وخطاباته الغاضبة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
مع ذلك، منذ أن ترك منصبه، استفاد من مهاراته فى خطاب التحريض الشعبوى ضد نظام الحكم الإيرانى. ووصلت حملته إلى ذروتها هذا الشهر عندما تسجّل للترشح للرئاسة مرة أخرى.
كما هو متوقع، استُبعد نجاد فى النهاية من الترشح إلى الانتخابات. لكن هذا يُعتبر انتصارا له. فهو لم يكن يريد الفوز بالرئاسة هذا العام، بل كانت خطته هى عدم الفوز، ويرى أنه من الأفضل له تقديم نفسه على أنه ضحية نظام غير عادل فى الأساس.
عندما سجّل اسمه فى وزارة الداخلية، هدد نجاد على الفور بمقاطعة الانتخابات إذا استبعده مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة التى يقودها المحافظون والمسئولة عن فحص ملفات المرشحين لتحديد المؤهلين لخوض الانتخابات، كما أعلن أنه لن يؤيد أى مرشح آخر.
وسارعت شخصيات محافظة للرد عليه، وانتقدته بسبب حديثه عن النظام الانتخابى الذى استغله فى وقت سابق مرتين ليصبح رئيسا. لكن الرئيس السابق واصل تصريحاته ولم تكن لديه رغبة فى التوقف عن إثارة غضب حلفائه السابقين من المحافظين.
فى مقابلة لاحقة، أطلق نجاد على نفسه لقب «ديمقراطى ليبرالى»، وهو مصطلح يستخدمه المتشددون فى إيران فى كثير من الأحيان لتشويه سمعة خصومهم. وتابع قائلا: «أنا لست أحمدى نجاد الذى تفكر فيه». بمعنى آخر، أراد القول إنه لم يعد الشخص الذى كان يعرفه الجميع.
بدأ نجاد تحوّله قبل عقد من الزمن، خلال فترة ولايته الثانية كرئيس، إذ شرع فى الابتعاد عن المعسكر المحافظ، بما فى ذلك المرشد الأعلى على خامنئى، وذلك بعدما فسّر أن الدعم المطلق الذى حصل عليه من الأخير فى أعقاب انتخابات 2009 المشكوك بصحة نتائجها، على أنها ضوء أخضر له ليفعل ما يشاء فى منصبه.
وكانت النتيجة حدوث احتكاك خطير بين إدارته وجميع مراكز القوة الأخرى تقريبا فى إيران، بما فى ذلك القضاء والبرلمان والحرس الثورى الإيرانى وحتى خامنئى نفسه. على سبيل المثال، اتهم نجاد الحرس الثورى الإيرانى بـ«التهريب» والقضاء بانتهاك الدستور، كما تحدى خامنئى بمحاولة عزل وزير المخابرات حيدر مصلحى المقرب من الأخير.
ما لم يفكر فيه أحمدى نجاد على الأرجح هو أن نفس المعسكر المحافظ الذى قمع الحركة الخضراء لصالحه، سيفعل الشيء نفسه مع أى مثيرى شغب آخرين محتملين.
عند نهاية ولايته الثانية فى عام 2013، قرر نجاد الحفاظ على موقعه فى السلطة من خلال تسليم الرئاسة إلى أحد أعضاء دائرته المقربة، فدعم مستشاره المقرب إسفنديار رحيم مشائى فى الانتخابات الرئاسية، حتى أنه رافق مشائى إلى وزارة الداخلية لتسجيل نفسه كمرشح.
لكن مشائى، الذى كان يمقته المحافظون بسبب مواقفه المثيرة للجدل حول الإسلام ورجال الدين، فشل فى الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور لخوض الانتخابات. وانتهى به الأمر فى السجن بعد أربع سنوات بتهمة «العمل ضد الأمن القومى» و«الدعاية ضد النظام».
كما لقى حميد بغائى، وهو مساعد آخر مقرب من أحمدى نجاد، مصيرا مماثلا بعد فترة وجيزة من منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2017.
فى ذات الانتخابات، استبعد مجلس صيانة الدستور أحمدى نجاد نفسه بعد أن تجاهل نصيحة خامنئى بعدم الترشح. وصار من الواضح أنه لن يكون له ولا لأى شخص مقرّب منه أى فرصة لتولى المناصب التنفيذية العليا فى البلاد مرة أخرى.
وعندما توصل أحمدى نجاد إلى نتيجة مفادها أنه لن يجد طريقا للعودة إلى السلطة من خلال النظام، قرر فتح طريق جديد. على مدى السنوات الأربع الماضية، تجاوز العديد من الخطوط الحمراء للنظام السياسى الإيرانى، إذ دعم احتجاجات 2018 و2019، كما تحدث عن «فساد منهجى» فى إيران وانتقد تدخل البلاد فى سوريا ضد إرادة الشعب السورى.
وذهب إلى حد الادعاء بأنه لا علاقة له بقمع متظاهرى الحركة الخضراء، مشيرا إلى أن هناك «عصابة منظمة» داخل النظام الأمنى لجأت إلى العنف ضد المتظاهرين.
فى الوقت نفسه، شرع فى تبنى نهج قوى على وسائل التواصل الاجتماعى لتصوير نفسه على أنه سياسى حديث يستخدم التقنيات الجديدة لإيصال رسائل «السلام والحرية والعدالة» إلى العالم.

ماذا يريد؟
كان رفض أحمدى نجاد من مجلس صيانة الدستور بالضبط ما يريده، إذ يمكن أن يساعده على إبراز صورته كشخصية معارضة تسعى بلا كلل لإحداث التغيير ولا تخشى مواجهة المؤسسة الإيرانية مباشرة.
لا شك فى أنه يدرك أنه من غير المرجح أن يصبح رئيسا مرة أخرى، لكن طموحاته تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك المنصب. يبدو أنه ينتظر فراغ السلطة الذى من المرجح أن ينشأ بعد وفاة خامنئى البالغ من العمر 82 عاما.
يريد نجاد، فى ظل عدم وجود معارضة سياسية منظمة داخل البلاد، وضعف المعارضة الموجودة فى الخارج، إما بسبب الانشقاقات أو لافتقارها إلى الدعم الشعبى، أن يلعب دور زعيم وطنى مناهض للمؤسسة.
وبرأى عبدالرضا دافارى، مستشار أحمدى نجاد السابق والذى يُعَدّ الآن أحد منتقديه، يعتقد الرئيس السابق أن الجمهورية الإسلامية ستنهار بموت خامنئى. ويريد نظاما إسلاميا دون ولاية الفقيه أو المرشد الأعلى، وهو عكس ادعاءاته بأنه ديمقراطى ليبرالى.
ومع ذلك، سيحتاج أحمدى نجاد إلى توسيع قاعدته السياسية. حاليا، يبدو أن الطبقة الوسطى المتعلمة، القاعدة الاجتماعية التقليدية للمعسكر الإصلاحى، فقدت الأمل فى العمل من خلال النظام السياسى بعد أن خيّب الرئيس حسن روحانى آمالها وبفعل تزايد قبضة سلطة المتشددين والأجهزة الأمنية.
ويبدو أن هدف أحمدى نجاد هو كسب ولاء الطبقات الدنيا تدريجيا، وبشكل مثالى، جيل الشباب والشابات الذى لا يمتلك ذاكرة مباشرة تتعلق برئاسته وما جرى مع الحركة الخضراء، ووعوده البلاغية المستمرة بالعدالة والحرية ومحاربة الفساد.
لكن التاريخ يشير إلى أنه قد ينجح فى إعادة تسمية نفسه كبطل للتغيير. تمكن الرئيس الراحل هاشمى رفسنجانى، الذى تكتلت ضده حركة «الإصلاح» فى عام 1997، من إعادة تسمية نفسه كمؤيد للإصلاح بحلول عام 2005، حينما توفى فى عام 2017 رحل بصورة القائد الإصلاحى.

النص الأصلى

التعليقات