جنيات مطروح - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جنيات مطروح

نشر فى : الإثنين 28 أغسطس 2017 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 28 أغسطس 2017 - 8:55 م
أزور مطروح بشكل شبه منتظم منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضى، غير أن زيارتى الأخيرة لها، قبل أيام، كانت مختلفة بحجم الاختلاف الذى طرأ على المحافظة فى العامين الماضيين، فقد تحولت من مجرد صورة ذهنية لشواطئ يؤمها المصطافون لشهر أو شهرين فى العام للاستمتاع بمياه بحرها الساحر، إلى مدينة تصل الليل بالنهار، ولا تعرف النوم كما المدن الكبرى التى تشهد صخبا، يعكس نشاطا وحيوية ضمن حركة التنمية التى تزحف باتجاه صحراء مصر الغربية.

غنت ليلى مراد «يا ساكنى مطروح جنية فى بحركم» بما جعلها تعشق حيهم، غير أن محافظها اللواء علاء أبو زيد يبدو أنه اكتشف أكثر من جنية فى البوابة الغربية لمصر، فأطلقهن من القمقم ليتجولن فى ربوع المحافظة الممتدة من الحمام شرقا إلى السلوم غربا، وحتى واحة سيوة جنوبا، لتشهد مطروح تغيرات متلاحقة غيرت من وجهها المعروف، وملامحها التى ظلت لسنوات طوال لم تلمسها يد التطوير.

فى الشرق تنتظر محافظة مطروح توقيع العقود النهائية لإنشاء مشروع الضبعة لإنتاج الطاقة النووية السلمية، الحلم الذى يراود المصريين منذ ستينيات القرن الماضى، وفى الغرب بدأت المحافظة خطواتها لإنشاء ميناء جرجوب، ضمن مشروعات تنمية غرب مصر، وفى الجنوب باتت سيوة مقصدا علاجيا عالميا باعتبارها تمتلك بيئة مثالية للعلاج بالمياه الطبيعية ورمال الصحراء التى تشفى العديد من الأمراض.

وفى قلب المحافظة تحولت مدينة مطروح إلى ورشة عمل كبرى، نقلت كورنيشها من مكان متواضع إلى رقعة عمرانية وسياحية تشبه مثيلتها فى الإسكندرية وخاصة فى الجزء الغربى الذى يضم أحياء مدينة الإسكندر الأكبر الأعرق تاريخيا، بما يدخلك فى مقارنة لطيفة بين مدينتين محببتين إلى قلوب المصريين.

ظلت مطروح لسنوات مهمشة، كباقى أقاليم مصر التى تعرضت للإهمال، غير أنها تشهد حاليا محاولات جادة لوضعها على خريطة التنمية، وخلق فرص واعدة للاستثمار فى أرض حباها الله بمكونات طبيعية متنوعة قادرة على المساعدة فى تخطينا هذه المحطة الصعبة التى نمر بها على الصعيد الاقتصادى.

المنشآت السياحية التى باتت منتشرة فى أكثر من مكان، تسير جنبا إلى جنب التوسعات فى الطرق التى تربط مطروح بالمحافظات الأخرى وخاصة العاصمة، فقد اختصر طريق العلمين المسافة إلى محافظة مترامية الأطراف، فى الوقت الذى يشهد فيه محور الضبعة ــ القاهرة، وضع اللمسات النهائية لطريق خرج إلى النور أخيرا من دون أن يأخذ نصيبه اللائق من الأضواء.
مطروح التى احتفلت قبل أيام بعيدها القومى الذى يصادف ذكرى معركة وادى ماجد (24 أغسطس 1915) التى انتصر فيها أبناء قبائل الصحراء الغربية على جنود المحتل البريطانى، تشهد اليوم عمليات بناء يجب الالتفات إليها أنصافا للقائمين عليها، وحتى لا نتهم فى الإعلام بالنظر إلى النصف الفارغ من الكوب.

ما يحدث فى مطروح ليس مقصورا على العمران المادى بل هناك مساع حثيثة للتركيز على بناء الإنسان، وبالتالى كان منطقيا أن يتضمن الاحتفال بالعيد القومى للمحافظة ليال فنية وثقافية عدة، ولعل ما شهده مسرح الشاطئ المفتوح مباشرة على الكورنيش، من ليلة فنية قدمت خلالها عدة فرق بينها فرقة مطروح للفنون الشعبية، من أغنيات واستعراضات لجمهور يقدر بعدة آلاف، فى حضور المحافظ والقيادات الشعبية والتنفيذية، ونقلته الإذاعة المصرية، يصب فى صالح النسيج الوطنى العام.
كما جاء اعادة افتتاح وزير الآثار خالد العنانى ومحافظ مطروح كهف القائد الألمانى الأشهر روميل الذى اتخذه مقرا لقيادة قواته فى الحرب العالمية الثانية، تأكيدا لأهمية المتاحف والمزارات الأثرية فى تشكيل الهوية الوطنية. 

يقول اللواء علاء أبو زيد، فى أكثر من مناسبة، إن مطروح محافظة سلفية الهوى، غير أن ما تراه من تغييرات، تدق أبوابها بقوة فى الفترة الأخيرة، على الصعيدين الاجتماعى والثقافى، سيعيد إليها هواها وهويتها المصرية التى تعطى الجميع مكانا تحت الشمس فى توازن طبيعى يميز الأقاليم المصرية كافة، ويجعل وجه مصر نسيج وحده.

 

التعليقات