المشى فوق الماء - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 4:22 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المشى فوق الماء

نشر فى : الأحد 31 ديسمبر 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : الأحد 31 ديسمبر 2017 - 9:05 م
كنت أتمنى أن أحمل بعض رسائل الأمل والأمنيات بعام جديد آخر يكون أكثر إشراقا من سابقه. كنت أتمنى أن أستطيع أن أكبس ذاك الزر الذى يحول المزاج العام إلى كثير من الغناء والفرح. كنت أتمنى أن أطمئن أحبتى فى بقاع الأرض أن القادم أفضل من مشاهد القتل والدمار والكراهية التى عشناها جميعا لسنين طويلة. كنت أتمنى أن أقول لفقراء المدن والقرى العربية من أقصى المحيط إلى الخليج بأن مخططات ماكينزى وأخواتها ستأتيهم ببعض الخبز والتمر والتين والعنب.

***

كنت أتمنى ألا أفسد فرحة صغار الأحبة بملابس جديدة وبعض الحلوى وكثير من الضحك واللعب. كنت أتمنى أن أقول للنازحين فى المدن المنكوبة بأن دفء بيوتهم ليس بالبعيد وأن بعض الصبر قد يعيد لهم منازل بقلوب مثل الثلج. كنت أتمنى أن أقول لأطفال الكوليرا أن المرض سيبعد عنهم؛ فقد رسم إخوتهم وأخواتهم خطط محكمة لمحاربة المرض والموت المجانى وهدم البيوت فوق رءوس أصحابها. كنت أتمنى أن أعد أطفال فلسطين ونساءها ورجالها الصامدين بكثير من الصمود من أشقائهم وشقيقاتهم، وأن القدس هى عاصمة لكل فلسطين، وأن اتفاقيات السلام كلها وليس بعضها قد أسقطت. 

***

كنت أتمنى أن أرسل تلك الرسالة إلى الأحبة فى مدن الملح «يبقى الحال على ما هو عليه!!!»، وأنهم باقون خارج الأزمات العربية المتكررة حين تحولوا فجأة إلى عين الأزمة ورأسها وحين اشتدت المستجدات المتسارعة حتى صعب على المرء أن يعرف من أين يأتى كل هؤلاء المحللون والسياسيون والخبراء والمثقفون الخليجيون بهذا الكم من التفاؤل والحكمة المزيفة!!! والتطمينات الخائبة !!!.

***

كنت أتمنى وأتمنى وتَمْلَؤنى الشفقة والحسرة عندما أتسلم رسالة مكررة لنفس الأمانى ولا أملك حتى الضغط على ذاك المفتاح الذى يعيد نشرها إلى مجموعة كبيرة أخرى وتلك تعيد نشرها وهكذا حتى اللا منتهى.

كنت أتمنى ولكن ما عساى أقول فوق كل هذا وذاك وكل الأعذار المميتة والمقيتة السابقة وكيف لى أن أبقى أتابع ما يحدث لعهد التميمى وفوزى الجنيدى وإبراهيم أبو ثريا وملاك الغليظ وإخوتهم وأخواتهم فى سجون الاحتلال الإسرائيلى وانتقل لإرسال الرسائل المزينة بباقات الورد وشعلة السلام وأغانى ليلة عيد.

***

تأتى التهانى وفى مجملها تحمل الكثير من الود والأمل فى أجواء ما أبعدها عن التفاؤل خاصة ونحن جميعا واقفين عند حافة الهاوية أو ربما فى أول منحدر شديد الظلمة فيما سيظل أولئك الجالسون فى قصورهم الزجاجيه أكبر شجرة مسجلين معدل آخر جديد أو سترقص النوافير على أنغام السيمفونيات العالمية أو حتى سيدة الغناء، وفى أجواء شبيهة بأفلام الخيال العلمى نعيش انفصام لا شبيه له فى التاريخ الحديث فى أجواء من الشعارات الرنانة التى تبدو فى شكلها الخارجى متماشية مع القيم الكونية فى احترام الآخر والتعددية والحريات ونبذ العنف ومحاربة الفساد والمحاسبة والحوكمة دون أن ننسى حق المرأة حتى لو بقيت محكومة «بالمحرم»، فى مضمون لم يتغير منه شىء.. حيث تبقى القبيلة هى القبيلة مع بعض من ملامح شخصيات ديزنى العالمية.. ربما ميكى موس أو حتى دونالد داك!!!

***

2018 ربما تكون المعجزة التى ينتظرها كثيرون على هذه البقعة من الكون بشديد الصبر، على الرغم من أن زمن المعجزات قد ولى ولم تبقَ سوى البيوت المحطمة والشوارع المرصوفة بالدم، والأرض التى بيعت على مرأى من العالم بأبخس الأثمان فيما كانوا يرددون «الأرض» شرف الأمة!! 

***

2018 كونى بردا وسلاما على أطفال ونساء ورجال هذه الأمة الفقراء منهم والمحرومين والجالسين عند حافة القبر منتظرين دورهم فى حفرة قد ضاقت بمن فيها... 

2018 كونى خيرا وحبا وبعض الرحمة لكل أولئك الممسكون بالجمر الخائفون من لا شىء سوى كرامتهم التى سلبت مرة ومرات كما أرضهم وأرضنا...

2018 ارحمى من على هذه الأرض الذى راح يكرر نحن نحب الحياة أيضا ونسعى إليها بكل جوارحنا... 

2018 اسقى الأرض مطرا بل اغسليها بماء نقى كقلوب من عليها...

2018 امنحى أهلنا فى مدن الدم والعرق والملح والسمك وزهر البنفسج كثيرا من العنفوان والغضب وقليل من الصبر والركون لما هو عليه...

2018 امنحى أطفال هذه الأوطان كما منحتى إخوتهم فى فلسطين كثير من الحب للأرض والحياة والكرامة...

2018 لا تجعلينا نقفز للمجهول كما نحن الآن أو نمشى فوق الماء غير عارفين متى نسقط فى قاع المحيط فيفترسنا ذات الحوت.
خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات