اليوم موعد الأمريكيين مع معركة الحسم فى الاختيار بين مرشح جمهورى ورئيس سابق هو دونالد ترمب الذى يمثل التيار اليمينى المحافظ داخل حزبه، وبين نائبة الرئيس الحالى الديمقراطية كامالا هاريس التى دخلت السباق متأخرة بعد أن أزاح حزبها الرئيس جو بايدن عن خوض السباق الذى كان قد بدأه بالفعل، بعد مناظرة كارثية أمام ترامب.
قضايا داخلية وخارجية عدة كانت محور التنافس الضارى بين المرشحين حيث يسعى ترامب للعودة إلى البيت الأبيض وحكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قادمة، وسيدة قادتها الأقدار لتكون المرأة الثانية التى يرشحها الديمقراطيون لخوض غمار السباق الرئاسى بعد هيلارى كلينتون التى تلقت هزيمة أمام ترامب فى انتخابات عام 2016، والسؤال هل حان الوقت ليكسر الناخب الأمريكى الحلقة وينتخب أول سيدة رئيسا للبلاد؟
اختار الناخب الأمريكى عام 2008 بارك أوباما كأول رئيس ينحدر من أصول إفريقية، وأعاد انتخابه فى 2012 ليقضى فترتين رئاسيتين، لكن يبدو أن هذا الناخب لم يكن مستعدا لدخول امرأة المكتب البيضاوى، فتلقت هيلارى كلينتون هزيمة أمام ترامب فى انتخابات 2016، وبين ذلك العام واليوم وقعت تغيرات عدة فى السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، لكن يبقى أيضا السؤال: هل تنسحب هذه التغيرات على مزاج الناخب الأمريكى؟
فرصة تولى سيدة زمام الأمور فى البيت الأبيض ربما تكون هذه المرة أكثر من سابقتها مع هيلارى كلينتون، خاصة عند المقارنة مع ترامب فى عامل السن، فالمرشح الجمهورى الذى تجاوز الثمانين عاما، يقف فى مواجهة امرأة ذات عزيمة وإصرار عمرها لم يتعد الستين عاما، وهو عامل قد يلعب دورا وسط الساعين لإحداث تغيير مشابه لما كان عليه الحال عند انتخاب أول رئيس من أصول إفريقية.
دع عنك السباق المحموم بين المؤسسات التى تقدم خلاصة نتائج استطلاعات للرأى متناقضة فى غالبيتها، بين ترجيح كفة ترامب، أو التقليل من فرص كامالا، فتلك الاستطلاعات لم تكن تتوقع فوز بايدن فى انتخابات 2020، لكن النتائج النهائية حسمت لصالح بايدن وأقصت ترامب عن المشهد الذى كان صعبا عليه وعلى أنصاره الذين اقتحموا مبنى الكونجرس عقب تحريض منه، فى صورة عكست مخاوف جدية على الديمقراطية الأمريكية، بعد أن جلس الغوغاء فوق مقاعد المشرعين فى نوع من الاستهزاء بنتائج الاقتراع.
يقول البعض إن الانتخابات الأمريكية هى ملك للناخب الأمريكى ولا ناقة للآخرين فيها ولا جمل، وهذا صحيح، غير أن السياسات التى ستتخذ من الرئيس المنتخب تجاه منطقتنا تجعلنا نبحث عن حادى العير الذى يقول إن رؤية ترامب نحو القضية الفلسطينية والمشاكل الإقليمية التى تخصنا لا تبعد عنها كامالا، فكلاهما منحاز إلى المصالح الإسرائيلية وإن كانت الأخيرة لديها بعض الرتوش التجميلية.
لا يعترف ترامب بحل الدولتين، ويدعم بشكل مطلق تل أبيب، وتواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلى داعما لمجازره فى غزة، بينما تتحدث كامالا عن حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، لكن ذرا للرماد فى العيون تتحدث عن حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم، وتراوغ فى إعطاء موقف صريح وواضح يوقف شلال الدم الفلسطينى.
لا فارق بالنسبة لنا أن يفوز الحمار، رمز الحزب الديمقراطى، أو الفيل رمز الحزب الجمهورى، لكن ما يهمنا ألا تزيد سياساتهما المؤيدة لإسرائيل النيران المشتعلة فى المنطقة، وألا يعطى أيا منهما تل أبيب السلاح الذى يوسع رقعة الصراع الدائر حاليا فندخل فى أتون حرب إقليمية سيكون لنا فيها نوق وجمال، عندما تتسلل إلينا أعداد أكبر من الحيوانات الضارية التى تظهر وسط الخرائب بحثا عن طرائد.