إخماد النيران الإيطالية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:43 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إخماد النيران الإيطالية

نشر فى : الإثنين 11 يوليه 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الإثنين 11 يوليه 2016 - 10:10 م

تشابكت خيوط الأزمة وتعقدت على نحو مقلق، فمنذ اليوم الأول الذى أُعلن فيه عن اختفاء الباحث الإيطالى جوليو ريجينى، ومرورا بالكشف عن العثور على جثته ملقاة على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى، وما تلى ذلك من مواقف، والعلاقات بين القاهرة وروما تخرج من منعطف لتواجه منحدرا خطيرا، قبل أن تدخل فى الأيام الاخيرة إلى نفق ضيق، وخانق نتمنى أن نجتازه بأقل خسائر ممكنة.


لا نحتاج التذكير بمدى الاستخفاف فى البداية بإدارة أزمة الباحث الإيطالى الذى وجد مقتولا وعلى جثته آثار تعذيب، بما كذب رواية أحد ضباط الشرطة فى محافظة الجيزة عن أن وفاة ريجينى ناتجة فى الغالب عن حادث سير، ثم إعلان وزارة الداخلية عن تصفية عصابة تخصصت فى خطف الاجانب وعثر مع عناصرها على متعلقات الشاب الإيطالى، وهو ما زاد من الضبابية فى المشهد، وجعل «الفأر يلعب فى عب» الإيطاليين، الذى انتابتهم الشكوك بشأن مدى صدق المصريين فى التعاون معهم لكشف «حقيقة» ما جرى.


وكالنار تخمد حينا، وتثور أحيانا، مضت قضية ريجينى، منذ العثور على جثته فى أوائل شهر فبراير من العام الحالى، وفى كل منعطف، يظهر مدى نجاحنا فى إدارة الأزمة، التى كانت تحتاج مع يومها الأول وضع سيناريوهات متعددة لها، والتعامل مع السيناريو الأسوأ، كان سيجنبنا الوضع الذى وصلنا إليه فى الوقت الراهن، بعد اتخاذ البرلمان الايطالى قرارا بوقف مد مصر بقطع غيار طائرات «إف 16» العسكرية.


البعض اعتبر أن التصعيد الإيطالى، كان مفاجئا، وغير مبرر، لكن هؤلاء تجاهلوا مدى حساسية قضايا حقوق الإنسان لدى الغرب، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأحد مواطنيه، وهنا أحيل إلى ما قالته والدة الباحث الإيطالى فى وصف آثار ما وجدته على جثة ابنها «لقد عذبوه كما لو كانا مصريا»، فضلا عن أن اعضاء البرلمان الايطالى اتخذوا القرار التصعيدى ضد مصر، بوصفهم نوابا عن الشعب الذى سيحاسبهم إذا تقاعسوا عن القيام بواجبهم، فهؤلاء لا يقيمون لحكوماتهم وزنا عندما يتعلق الأمر بحقوق مواطنيهم.


دعونا نعترف أنه وإذا كان الجانب الإيطالى، اختار التصعيد مع مصر، وبما يمكن أن يؤثر بالسلب على طبيعة العلاقات مع القاهرة التى تمتد عبر التاريخ القديم والحديث، فإنه أيضا ما كان لنا الوصول إلى هذه النقطة لولا قصورنا فى التعامل مع هذه الأزمة، باعتبار ايطاليا الشريك الأوروبى الأول اقتصاديا مع مصر، ويجب ألا نتعامل برعونة مع الأمر، فالخطوة التصعيدية يجب أن يتم امتصاصها، والبحث عن طرق لتجنب المزيد من الخطوات المشابهة.


العلاقات بين الدول لا تقوم بالضرورة على قواعد الحساب (1 + 1= 2)، فليس كل خطوة تصعيد يرد عليها بنفس الخطوة، ومن هنا اعتقد ان البيان الصادر أخيرا عن وزارة الخارجية، والذى هدد بمراجعة التعاون مع ايطاليا فى قضايا الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط والإرهاب، لم يكن موفقا فى توقيت صدوره، وربما المساعى التى يبذلها مجلس النواب المصرى لتخفيف حدة الأزمة مع روما وإن جاءت متأخرة إلا أنها أفضل من اتخاذ موقف المتفرج.


الأزمة تحتاج إلى ثبات انفعالى أكبر، بما يخمد النيران الإيطالية لا إلقاء المزيد من الحطب إليها، وهنا أستعير ما قاله المستشار عدلى حسين رئيس لجنة الشراكة الأورومتوسطية عن سيناريوهات الحل وبينها «تشكيل لجنة محايدة من الجهات المستعان بها داخل الاتحاد الأوروبى نفسه لتطلع على التحقيقات بكل شفافية»، والاستجابة لما يطلبه الجانب الإيطالى من «ايضاحات» و«لا نترك فرصة للقول إننا نخفى شيئا»، وبما يبدد كل الشكوك لإنهاء الأزمة.

التعليقات