لأهلنا في غزة.. تحميكم الملائكة والأنبياء - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 3:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لأهلنا في غزة.. تحميكم الملائكة والأنبياء

نشر فى : الأحد 15 أكتوبر 2023 - 9:25 م | آخر تحديث : الأحد 15 أكتوبر 2023 - 9:25 م
بعد السابع من أكتوبر ليس كما قبله، قالوا وقالوا كثيرا وكثيرا بل لم يتوقف الكلام وأهل غزة وفلسطين ينحرون بل يبادون أمام كاميرات محلية وعربية ودولية معظمها غير محايد بل منحاز حتى النخاع، حتى تلك التى تبدو فى مظهرها الأول وكأنها قد عملت جهدا جبارا لتعمل بمقولة مقيتة سموها «النأى بالنفس»! وهو ما يحاول المنحازون أن يخدعونا به.. ولا يختلف عنه أولئك المؤمنون أو المحاولون التظاهر بشكل من أشكال «العقلانية» أى أنهم العقلاء فيما الرءوس «ساخنة» ربما لكثرة القتل الفلسطينى الذى تحول إلى وجبة يومية اعتيادية.
• • •
أيام مليئة بالتحليلات والاتهامات والمؤامرات أو نظريات المؤامرة والتبريرات وبعض الفلسفة التى ليس هذا وقتها ولا زمانها، فهى لحظة تاريخية حتما وربما طال انتظارنا لننهى كثيرا من الجدل الذى دار على مدى أكثر من سبعين عاما فى محاولة لتبرير هزيمتنا بل نكبتنا الكبرى، وربما نحن مقبلون على نكبة جديدة إذا لم نتصارح ونقف عند النقاط المفصلية ببعض الشجاعة وشىء من الكرامة وكثير من الحقائق التى تنسى فى أجواء من العواطف أو الغضب أو الحقد والكراهية عندما تشهر سيوفها علنا بينما كانت متدثرة فى عباءات من عبارات مفذلكة مثل تعبير حماية المدنيين والمدنيات وحقوق الإنسان واحترام حق الآخر فى الرأى والرد وهناك كثير مما قيل، وما لبث السابع من تشرين الأول أن كشف على الملأ فخلعت كل الجدران والمساحيق وانكشف الغرب «الديمقراطى» المدافع عن حقوق الإنسان المتساوية لكل البشر، والغرب الذى كرر على مسامعنا بأنه يحترم الآراء ولا ينكل بمن يختلفون معه، وما لبث أن سقط مع أول طائرة شراعية وعشرات بل مئات من المقاتلين المؤمنين بقضيتهم عندما هدموا الجدار وكسروا ذاك الحاجز الذى تم بناؤه بعناية وحقد صهيونى وبمساعدة غربية وعربية على مدى سنين!
• • •
كسر الجدار سواء كان رأى البعض أنها مؤامرة إيرانية بأيدى حماس والجهاد وحزب الله وآخرين من العرب وغيرهم أو إذا تحدث بعض من يسمى نفسه «عقلاء العرب» ومفكريها بأنه كان هجوما مباغتا ومهما ولكنهم، أى أولئك الذين تديرهم المؤامرة، لم يقدروا حجم ردة الفعل الإسرائيلية.. نعم فى رأى بعض الجالسين فى القاهرة والرياض وأبوظبى وغيرهم من الكتاب أن الشعب الفلسطينى وخاصة الغزاويين منهم لا يعرفون إسرائيل وقدراتها وإمكانياتها. هم سجناء أكبر سجن على وجه الأرض فى آخر دولة فصل عنصرى فى العالم وهم الذين لا تزال أمهاتهم وجداتهم يحكين لهم النكبة وما تبعها من مجازر فى معظمها ارتكبت من عصابات صهيونية وربما مفيد أن نتذكرها أو نذكر ببعضها وليس كلها فقوائم جرائم الصهاينة أكبر من أن يتحملها مقال أو حتى مجلد؛ مجزرة بلد الشيخ من قبل جماعة الهاجاناه فى ديسمبر 1947، دير ياسين أبريل 1948 وبعدها بشهرين مجزرة الطنطورة، ثم أبو شوشة وقبية فى 1953 وقلقيلية فى 1956 وكفر قاسم فى أكتوبر 1956 وخان يونس فى نفس العام، ولم يتوقف الذبح العلنى للفلسطينى نساء وأطفالا وشيوخا عند تأسيس ذاك الكيان المسمى إسرائيل بل استمر وامتد ليطال الشعب الفلسطينى فى كل مكان فى صبرا وشاتيلا وفى الأقصى فى 1990، وبعدها الحرم الإبراهيمى فى فبراير 1994، وجنين أبريل 2002، والقائمة طويلة بطول صبر وعزيمة الشعب الفلسطينى وعزمه وإيمانه بحقه فى وطنه المغتصب.. أما غزة فكان لها نصيبها الأكبر من المجاز المتكررة (المجازر المسجلة هى 51) لذلك فما يحدث ليس غريبا على الصهاينة وعصاباتهم التى يصورها البعض، حتى من ما يسمى بالمفكرين العرب، على أنهم مدنيون عزل فيما تغص المستوطنات بصهاينة عنصريين ومسلحين فى لبس مدنى فيما المدنيون الفلسطينيون الذين يقتلون فى غزة وكل فلسطين بدم بارد هم من المدنيين العزل وذنبهم الوحيد أنهم لم يجدوا بقعة أرض يلجئون إليها إلا غزة، فمعظمهم وبالتحديد 66% منهم هم لاجئون من مدن وبلدات فلسطينية عدة ينظرون لها من بعيد خلف السور الذى وضعهم فى هذا السجن الكبير المفتوح ويتطلعون إلى يوم يجلسون فيه تحت شجرة البرتقال فى حديقة بيتهم التى يسكنها الآن صهيونى متعصب فى معظم الحالات!
• • •
الأرقام هى أكبر دليل على بشاعة نظام الفصل العنصرى هذا وهنا بعضها فقط للتذكير وليس كلها، فهناك مليون حالة اعتقال أو أكثر منذ 1967. فى العام 2014 فقط قتل أكثر من 2240 من أهل غزة معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، رغم أن الحق فى الحياة لا يتوقف عند عمر أو جنس أو عرق. هناك استمرار لتهويد القدس وطرد سكانها ومحو الآثار المسيحية والإسلامية فيها إلى جانب احتلال المستوطنين لبيوت الفلسطينيين وطردهم منها إلى جانب بناء 10 آلاف مستوطنة أو أكثر فعملية بناء المستوطنات مستمرة. وفيما نخشى نحن فى صحفنا ومحطات التلفزيون أن نخطئ فى رقم أو احصائية تفننت القنوات التلفزيونية الأمريكية والأوروبية فى نشر الأكاذيب حتى سقط القناع حقا ولم أعد أتصور أن أحدنا سيستغى أى معلومة منذ الآن من الـ «بى بى سي« بكل لغاتها، أو الـ «سى إن إن»، أو جرائد التايمز والإندبندنت.. كلها بل كلهم كذبوا وعلى صفحاتهم الأولى بشكل لا يمكن وصفه إلا ببشاعة الكراهية والعنصرية وكثير من الخوف ربما.
• • •
بعد السابع من أكتوبر ليس كما قبله لأن كثيرا من الأقنعة انكشفت إلا لمن لا يريد أن يراها، وكذلك اتضحت مخططات كانت حتى وقت قريب محصورة فى اجتماعات مغلقة وكثير من المسئولين العرب، مع الأسف الشديد، كانوا على علم ومعرفة، ولكن السابع من أكتوبر أسدل الستار وكشف المستور فقد تسرب الكثير ولا نزال ننتظر أن نعرف أكثر ربما اقتنع البعض فتوقف عن ترديد الأكاذيب والأقاويل أو التصور أن فلسطين قد انتهت كقضية شعب وكأرض ووطن مسلوب، ربما لأن بعضهم التحق باتفاقيات أبراهام وكانت نشوة فرحة التوقيع قد حجبت بأضوائها الواقع التاريخى أن لا حل هنا إلا بإعادة الأرض لأصحابها، لم تنفعهم كل الاتفاقيات فى إقناع الصهيونى بأن هناك سلاما ممكنا وتعايشا.. نفس الدولة الصهيونية العنصرية الطامحة فى كل الأرض وما عليها وما تحتها فلا تنسوا النفط والغاز وخطط ترسم من هنا وهناك فى مجموعات تبدو على أنها تقوم بتنمية شاملة للمنطقة ودمجها مع العالم، فيما تبقى إسرائيل هى المستفيدة الوحيدة.
• • •
بعد السابع من تشرين الأول سقطت كل الأقنعة إلا لمن لا يزال يختفى خلف الغربال الواهى.
خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات