الأسرى الفلسطينيون.. أحزان وأفراح - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 17 أكتوبر 2025 10:17 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

الأسرى الفلسطينيون.. أحزان وأفراح

نشر فى : الجمعة 17 أكتوبر 2025 - 7:15 م | آخر تحديث : الجمعة 17 أكتوبر 2025 - 7:15 م

خرج من سجون الاحتلال، كان يمنى نفسه أن يحتضن زوجته وأولاده، أعد لابنته مسبحة كى يهديها لها، كان غاية فى الفرح قبل دخوله غزة، رأى الحطام فى كل مكان، حزن لذلك، عندما التقى بأسرته علم بأن زوجته وأولاده استشهدوا جميعًا، فإذا به ينفجر فى نوبة بكاء عنيفة أبكت كل من شاهده، وإذا به يخر على الأرض حزنًا وبكاء، لم يبقَ له شىء فى الحياة، أسرته جميعًا قتلت، بيته تهدم، أصبح لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، ومعها لا عمل ولا كسب، والمستقبل غامض، كان ينتظر الفرحة فإذا به فى هم وغم أكبر من السجن.

عجائب لا تصدق، فهذا والد الصحفى المعروف صالح الجعفراوى دفن ابنه الأول مراسل الجزيرة النشط الطيب صباحا وفى المساء استقبل ابنه الثانى المحرر ناجى، ليبكى صباحا ويفرح مساء لينطبق عليه قوله تعالى «وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ» وقوله «وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا» فالخروج من السجن حياة، ولو تأخر الموعد قليلا لاحتضن الأخ أخاه أو على الأقل ودع أخاه قبل دفنه، فلا يدرى الأب هل يحزن على فراق ابنه الغالى الذى ملأ الدنيا دفاعا عن فلسطين واغتالته يد الغدر والخيانة أم يفرح للإفراج عن ابنه الثانى.

وهذا أسير شاب محرر ظل يغنى باكيًا على الدمار الذى لحق بغزة ولم يكن يتخيله فقال «سكبت دموع العين سكبا/ على اللى صار فى غزة وشبابها/ خذونى عند الحاجز/ ضربونى وأدبونى، لكن والله صابرين لحد ما ربك شاء نطلع».

ويبدو أن هذه الأنشودة من تأليفه غناها وحوله أسرته يحتضنونه، فلم يكن يتصور أنه سيرى غزة الجميلة الرائعة التى تركها منذ قرابة عام ونصف وقد تحولت إلى ركام.

أسير آخر ظل يصرخ أمام الكاميرات «انقذوا من تبقى فى السجون انقذوا إخوتى الذين يعذبون ليل نهار، انقذوا إخوتى الجعانين ليل نهار».

أسير آخر خرج مبتور القدمين يطلب دعاء الناس له، رغم شبابه فإن وزنه نقص جدا ووجهه شاحب، منظر قدميه المبتورتين يدمى القلوب.

ثلة من الأسرى الفلسطينيين المحررين ظلوا يغنون ويرقصون فى فرحة غامرة ضاربين بالأحزان عرض الحائط.

شاب محرر آخر يصف كيف كان يصعق بالكهرباء من قبل الحراس الإسرائيليين، وأنهم كانوا يعصبون عيونهم طوال الوقت، ويضربوننا بالشباشب، ويلقون قنابل الغاز فى الغرف، لا أكل، لا علاج، لا رحمة ولا شفقة، كان يبكى مرارا وهو يحكى.

أما الأسير عدنان الشلبى الذى خرج بعد ٢٤ عاما فى السجون الإسرائيلية فلم يشفع له أنه من أقدم السجناء لينجو من التعذيب بل خرج وآثار الدماء والجروح والكدمات الحديثة على وجهه فقال «الصورة أصدق من الكلام، لا أحتاج أن أحكى»، وأوضح البعض أنهم عذبوهم حتى آخر يوم، وأن سياسة تكسير العظام، اتبعتها إسرائيل فى السجون فى العامين الآخرين، هكذا حكى الصحفى.

أسير فلسطينى عجوز خرج يسير بصعوبة ويرد على الصحفيين عن المعاملة فى السجون الإسرائيلية «سيئة جدا، معاملتهم جحيم، أسوأ من النازية».

هناك عدد من الأسرى الفلسطينيين أبعدتهم إسرائيل عن فلسطين إلى الخارج، ومنهم «محمود العارضة» الذى مكث ٢٩ عامًا فى السجون وهو صاحب قصة الهروب الشهيرة من السجون الإسرائيلية المسماة «بنفق الحرية».

هناك أسير أوهمه الاحتلال الإسرائيلى بأنهم قتلوا أسرته جميعا، فإذا به يخرج ليجد أسرته معافاة تماما ففرح فرحا شديدا.

بكاء وحزن وفرح وألم ودهشة من أجساد أكلتها السجون النازية الإسرائيلية، وعيون تبحث عن الأحباب والخلان فتجد بعضهم وتبكى الآخرين، تبحث عن البيت والمأوى والأقارب فلا تجد شيئا منهم، كلما ظننا أن الألم فى فلسطين قد توقف إذا به يعاد ويكرر دائما.

كل الأسرى المحررين أشادوا وترحموا على الصحفية البطلة «شيرين أبو عاقلة» رائدة الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين.

سلام على أهل فلسطين، سلام على الشهداء والجرحى والأسرى والمرضى.

التعليقات