لبنان وسوريا.. وكيفية مواجهة «سايكس بيكو الحقيقي» - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأحد 27 يوليه 2025 11:14 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

لبنان وسوريا.. وكيفية مواجهة «سايكس بيكو الحقيقي»

نشر فى : الأحد 27 يوليه 2025 - 8:15 م | آخر تحديث : الأحد 27 يوليه 2025 - 8:15 م

 يعيش لبنان مجموعة تحولات بنيوية، سواء من جهة إعادة تكوين السلطة فيه، أو من جهة التطورات المتسارعة فى الإقليم، والتى سيكون لها تداعيات فى المرحلة المقبلة، وستؤثر من دون أدنى شك على الوضع الداخلى وكيفية إدارة البلد وتحديد مراكز القوى فيه، أو شكل العلاقة بين مكوناته من جهة وبنية النظام ربطا بوظيفة لبنان المقبلة من جهة أخرى.

يصرُّ رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، على الحوار مدخلاً لحلّ العديد من القضايا، سواء إن كان على صعيد السلطة أو مقاربة القضايا الخلافية مع الأفرقاء الداخليين - مثل الصلاحيات وموضوع السلاح - تحسبا لانجرار البلاد إلى صدامٍ داخلى فى حال الذهاب إلى إجراءات حاسمة لا تأخذ بالاعتبار الوقائع الداخلية والخارجية على حد سواء. لا ينتهى الأمر عند هذه الملفات. مثلا هناك قضية الصراع مع العدو الصهيونى التى كان يُنظر إليها، بوصفها قضية تتجاوز الساحة المحلية.

ما يريده الأمريكى من لبنان، ويسعى إليه بكل السبل والضغوطات، هو الإجهاز على «المقاومة»، وبهذا المعنى يلبى المطلب الإسرائيلى.

بالنسبة للإسرائيلى، فإن المشكلة فى لبنان لا تتعلق فقط بالبُعد الميدانى – العسكرى، لأن فكرة التخلص من «المقاومة» كفكرة أو نهج أو ممارسة غير ممكنة. مشكلة الإسرائيلى فى عدم تحقيق «مشروع سياسى داخلى» ينقل لبنان من مكان إلى آخر، كما حصل فى العام 1982.

وعليه، فإن استمرار الضغط الأمريكى؛ إن بالتهديد أم بالتلويح بالعقوبات أو بفرض حصار؛ ليس له أهداف سوى ما هو متعلق بمصلحة الكيان لجهة تثبيت التهدئة الهشّة القائمة على طول الحدود الجنوبية وفتح قنوات جديدة للتفاوض.

ومن نافل القول إن الإدارة الأمريكية لا تهتم بالدبلوماسية إلّا بقدر ما تخدم مشروعها، وهذا ما يُجَاهر به علنا من دون الحاجة إلى واجهات أو منصات محلية. فالأمريكى ينطلق من ثابتة «مصلحة العدو» ويقارب على أساسها كل الملفات، بما فى ذلك ملف السلاح.

• • •

تعيش الساحة السورية مخاض إعادة تكوين السلطة فى ظل انفتاح غربى وأمريكى على النظام القائم فى دمشق، يترافق مع وعود بالدعم المالى. هذه الوعود مرتبطة بإخراج سوريا من دائرة الصراع والتناقض الرئيسى مع عدو يحتل أجزاء واسعة من الجنوب السورى، وذلك تمهيدا لانخراط «سوريا الجديدة» فى مسار الاتفاقات الإبراهيمية.

غير أن ذلك دونه تحديات داخلية، فالنظام السورى لم يستقر بعد، لأسباب عديدة، أهمها صعوبة قيام نظام دولة بالمعنى العلمى للمصطلح، نتيجة توزع الولاءات فى الحكم الجديد بتعدد الدول الحاضنة للمجموعات المسلحة واختلافاتها العقائدية ومرجعياتها. فالأحداث فى الساحل السورى ومن ثم تفجير كنيسة «مار إلياس» فى دمشق، كانا نذير توترات دينية وعرقية ما يجعل شبح التقسيم قائما وموجودا.

ومن جهة أخرى، فإن العدو الإسرائيلى، المستعجل لتحصيل أعلى المكاسب خلال هذه الفرصة المتاحة، يسعى بدوره إلى تقسيم سوريا. وبهذه النقطة هو يتناقض مع الأمريكى ويختلف معه. كذلك يريد الإسرائيلى المزيد من الاطمئنان على حدوده: فمن جهة لبنان يحاول فرض أمر واقع على حدوده الشمالية، وسوريا المقسّمة ستكون مريحة بالنسبة له.

تتكامل تلك العوامل مع مصالح دول أخرى وتتقاطع معها. فسوريا اليوم تمثل مسرحا كبيرا، سواء بالموقع أو الدور أو الوظيفة لعديد من الدول الطامحة بلعب أدوار فى التطورات الجارية: للتركى مصلحة فى التقسيم، فهذا سيتيح له ضمّ مناطق جديدة فى الشمال السورى. والروسى لا يمانع من أى تغيير فى الجغرافيا، شرط بقاء قواعده العسكرية على المتوسط، وكذلك الإيرانى. أمّا الأمريكى، فينحو دوما صوب مصالح العدو ويعمل على تأمينها، وهذا يتطلب منه الحفاظ على قواعده الموجودة فى الشمال والجنوب الشرقى من سوريا.

إن ما جرى ويجرى اليوم فى الجنوب السورى له أهداف متعددة. فهدف إسرائيل ليس حماية الدروز بل السيطرة على كل منطقة الجنوب، لتأمين ما تعتبره مصالحها الأمنيّة بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى أطماع تاريخية معروفة. وهذا ما تُعبّر عنه تل أبيب بشكل دائم وواضح وفى أكثر من مناسبة.

يسعى العدو الصهيونى لتوفير «بوليصة تأمين» طويلة الأمد لوجوده فى المنطقة، وذلك من خلال: إيران، منزوعة السلاح النووى، لا أدوار أبعد من حدودها. سوريا، خارج حلبة الصراع. المقاومة فى لبنان معطّلة ومحاصرة، وفى فلسطين مدمّرة.

ما نعيشه اليوم هو فعليا «مشروع سايكس بيكو الحقيقى»، الذى أوصى بتوزيع المنطقة إلى إقطاعات مذهبية وطائفية وعرقية على شكل دول وممالك.. تعثر التطبيق فى عدة أماكن، حاولت حركات التحرر الوطنى خوض استحقاقات كسر الهيمنة والتخلص من التبعية، نجحت جزئيا وأخفقت كثيرا.. وها هو التاريخ يعيد نفسه بعد مائة عام برعاية وقيادة دولة الإرهاب والعنصرية.. فهل سينجح؟

 

حسن خليل

موقع 180

النص الأصلي

https://tinyurl.com/8br5e862

 

التعليقات